اسـتمتعت بمتابعة برنامج (فتاوى) الذي يبث على القناة الأولى الوطنية والتي كان ضيفها الشيخ الدكتور عبد الله المطلق عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء والمستشار الشرعي في الديوان الملكي. وقد ظهر الشيخ لأول مرة بدون بشت! مما زاد في سروري، وأضفى الشيخ بحديثه وردِّه على الناس المزيد من المتعة والانبساط سواء بتحمله (غثاثة) بعض الأسئلة وتفاهة بعضها وبديهية وشطحات كثيرها.
وكنت قد كتبت مقالا عن الملك عبد الله بعنوان (ملك بلا بشت) حينما نشرت وسائل الإعلام صورته بدونه، واستشرفت آنذاك نهضة حضارية وانفتاحا جديدا على بلادنا، وقد كان! ولم يكن ضربا بالغيب بل استشففت ذلك من خلال صورته حفظه الله وتخليه عن عادة اجتماعية متوارثة تُميز بعض القادة والمتميزين عن غيرهم. وصار من المألوف أن يظهر حفظه الله بدون بشت، مما زاد في ذوبان الفوارق بينه وبين مواطنيه التي أثبتها بقوله تلك العبارة العفوية الجميلة الموجهة لشعبه: (أنا لا شيء بدونكم).
وحين أستبشرُ بتخلي الرجال عن لبس البشوت فإنني أرنو لمجتمع متجانس بعيدا عن الفوارق بما تتطلبه المرحلة الحضارية من تخلٍ عن القيود الاجتماعية التي تكبلنا، فالعدَّاؤون لا يمكنهم ارتداء البشوت، ومن يسابق الزمن يطرحه جانبا، وقد عجبت حين كنت شابة يافعة من ارتداء رؤساء بلديات القرى والمدن البشوت عند تدشينهم أسبوع الشجرة وغرسها بعد حفر الأرض بالفأس، وبمفارقة عجيبة تجد أحدهم وقد ورط بين البشت والفأس! ولعل بعضكم شاهد الفنان طارق عبد الحكيم رحمه الله وهو يغني بالبشت! وتخيل الآن فنانا يغني متوشحا بشتا مزركشا.
وبالمقابل يظهر الرئيس الأمريكي بقميص مفتوح الصدر بدون جاكيت وربطة عنق، مشمرا أكمامه عن ساعديه وهو يصعد بخفة درجات السلم ويلقي خطابا يحمل قرارات هامة وينتهي بتصفيق كثيف من الحضور.
وإنني أرجو أن نتخلى عن كل ما يقيد حركتنا ويدفع بنا للحضارة والمجد، ويتنازل الرجال عن بعض الملبوسات التي تحد من الانطلاق، ونهتم بالمحتوى فحسب، فاللبس العسكري يناسب المهنة والوظيفة تماما بينما لا يناسب الطبيب مطلقا ارتداء الشماغ! وتخيل طبيب أسنان يعتمر الشماغ والعقال! وأترك لخيالك العنان وتصوره وهو يرتدي بشتا!
إن ما يُدفع من مبالغ هائلة للبس الوطني على وجه التحديد هو من باب الإسراف والمبالغة ويضيف عبئا ماديا وزيادة بالأحمال، ولكم أن تحسبوا عدد قطع الملبوسات التي يرتديها السعودي! وما المانع (مثلا) من ظهور مذيع أو مقدم برامج بدون طاقية وشماغ وعقال وما يتطلبه من نوعية وتكاليف ووقت مهدر في ضبط المرزام ووضع العقال وانشغاله بهما، ولو اهتم بإجادة اللغة والتفت لمخارج الحروف وأسلوب الحوار، واعتنى بتوسيع مداركه بالثقافة والاطلاع لكان أجدى!
وإني آمل من رئيس التحرير (أبي بشار) وضع غترته وعقاله جانبا وإجازة مقالي!
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny