لم يكن ما بثه برنامج في المرمى في قناة العربية في الأيام الفارطة وعلى لسان مقدم البرنامج غريباً ولا جديداً على أصحاب العقول النيّرة والنوايا الخيّرة فلقد كان واقعاً معاشاً وماثلاً للعيان لكل متابع للشأن الرياضي عامة وكرة القدم خاصة في جميع المنافسات المحلية والقارية والدولية وذلك لا يحتاج إلى أدلة أو براهين لأن هذا هو حال الكرة في كل ميادينها وأزمنتها ولكن هناك فئة ممن ابتلي بهم الوسط الرياضي لم يتعاملوا أو يتعايشوا مع هذا الواقع كما هو حيث ركبوا قارب التشكيك وحملوا مجاديف الريبة وأبحروا زمناً لنشر ثقافة الوهم ونظرية المؤامرة.
أقول قولي هذا تمهيداً للدخول في صلب الموضوع حيث رصدت الدراسة التي بثها البرنامج أعلاه عن عدد من حالات التحكيم هذا الموسم حيث حاز فريق النادي الأهلي الصدارة لذلك الرصد من حيث الاستفادة من أخطاء التحكيم برصيد (سبع حالات) مما دفع به إلى مراكز الصدارة وللأمانة فقد أورد البرنامج أن الأهلي قد تضرر مرتين وحسابياً يكون الصافي خمس حالات مستفادة وعليكم حسابها النقطي!! يا ساتر!! خمس حالات في موسم واحد ولا حس ولا خبر وهي ربما تعادل جملة الأخطاء التحكيمية التي رددها أولئك المرجفون طيلة عقود.
ولكن إذا عرف السبب بطل العجب فبما أن الهلال قد ابتعد عن الصدارة حتى وإن كان بأخطاء تحكيمية واضحة وفاضحة فكل شيء مقبول وجائز وليس هناك ما يدعو إلى الشك والتوجس والريبة لأن الهلال حالة خاصة يجب التعامل معها بطرق وحسابات مختلفة لأن ابتعاده يبعث على الطمأنينة والهدوء والصفاء النفسي لدى البعض من تلك الفئة المأزومة فتعود الأمور إلى طبيعتها ويصبح الخطأ جزءاً من اللعبة وأن الحكم بشر يخطئ ويصيب وأن قراره يتم في جزء من الثانية وما إلى ذلك من الأمور الطبيعية التي يدركها الجميع.
عموماً سوف نستعير ونستعيد تلك اللغة التي كانت تتردد من الفئة إياها في فترات متلاحقة لنقول (بأن النادي الأهلي فريق كبير وجدير وليس بحاجة لعوامل مساعدة تدفع به إلى الصدارة) أقول هذا ليس عن قناعة بهذا الطرح بقدر ما هو إعادة لتلك الأسطوانة المشروخة التي كانت تتردد من البعض وعلى طريقة -هذه بضاعتكم ردت إليكم- ومع أن الأخطاء التحكيمية التي وردت في الرصد إياها قد زادت عن المعدل الطبيعي فلم نسمع من يقول أعطوا النادي الأهلي المركز الأول ودعوا الفرق تتنافس على المركز الثاني وهي المقولة الباهتة التي أعادها أحد أبرز رموز -اللعلعة- والقاسم المشترك في كل عراك فضائي هابط بسبب لغته الاستفزازية المكرورة ومع أنه يرمي في كل اتجاه إلا أنه يفتقد إلى التركيز فتصبح ذخيرته طائشة بالإضافة إلى أن سلاحه من نوع -الفتيل- الذي انتهى زمنه مما يجعله دائماً في مواقف صعبة ومحرجة ولكن يبدو أنه استمرأ ذلك أو كما يقول المثل الشعبي (استملس جلده).
ختاماً لعل من أكبر الفوائد التي خرج بها الواقع الرياضي عامة والهلالي خاصة من ابتعاد الهلال عن مركز الصدارة هو انكشاف تلك الأقلام المخاتلة التي تزيّف الواقع وتثير البلبلة والتأزيم في الشارع الرياضي وتتخذ من ضعف فرقها ذريعة لطمس الحقيقة ولعل ما حدث في هذا الموسم من أخطاء تحكيمية مؤثرة أضرت بالبعض ودفعت بالبعض الآخر أن تكون كفيلة بعودة الوعي ولو على طريقة الأديب الراحل توفيق الحكيم.