تحدثت في المقال الماضي عن تحالف جماعة الإخوان المسلمين مع المجلس العسكري في مصر، ثم عن الخلاف الذي طرأ مؤخراً بينهما، وقلت إن هذا قد يكون سببه «العقيدة الإخوانية» التي تريد السيطرة على كل شيء، وقد تحدث عن هذا أحد أبرز العارفين بالشأن المصري، وهو السيد سعد الدين إبراهيم، عالم الاجتماع، الذي يؤكد أن جماعة الإخوان «تستبطن نرجسية تجعلها، لا فقط تعتبر نفسها الأحق بكل شيء في الدنيا بل الآخرة أيضاً!».
يذكر السيد إبراهيم في مقالة له بجريدة المصري أن المفكر الشيخ جمال البنا، شقيق الشيخ حسن البنا، مؤسس الجماعة، يؤكد دوماً بأنه إسلامي، وليس إخوانياً!، ولما سأله السيد إبراهيم عن سبب ذلك، رغم أنه يحب أخاه حسن ويجله كثيراً، أجاب جمال نصاً «نعم، كنت أحب شقيقي الأكبر كثيراً، فقد كان أكثر من شقيق.. لقد كان مُعلماً، وأباً. وكانت إحدى القيم التي غرسها فينا هي قيمة «الحُرية»، كمصدر لكل القيم والمبادئ الأخرى».
ثم يضيف جمال البنا نقلاً عن سعد الدين إبراهيم أنه اكتشف مُبكراً أن «السمع والطاعة»، هو المبدأ الحاكم في جماعة الإخوان المسلمين، وأن ذلك يتعارض مع قيمة «الحُرية»، التي جعلها الله، عز وجل، هي أساس الإيمان به- «فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر».
ثم تأتي الصاعقة من جمال البنا في حديثه لإبراهيم بالقول «إن الجماعة لا تختلف تنظيمياً عن «الحزب الشيوعي»، كما تصوره وطبّقه «نيقولاي لينين»، رئيس أول وزراء في روسيا البلشفية (1918-1924)»، ويختم إبراهيم بأن جمال البنا لم ينضم لجماعة الإخوان المسلمين لهذه الأسباب.
بعد ذلك، يضيف إبراهيم شهادة أخرى عن الإخوان، مصدرها كثير من الإسلاميين غير الإخوانيين، الذين رافقهم في السجن فيما مضى، فهم يؤكدون ما قاله جمال البنا، ويضيفون عليه أن «الإخوان المسلمين» لم يشاركوا في أي جهاد، وذلك رغم حديثهم الكثير عن أهمية الجهاد، وشعارهم الدائم «الجهاد في سبيل الله أغلى أمانينا»!، ويؤكد الإسلاميون لإبراهيم على أنه رغم الثراء الفاحش لجماعة الإخوان، إلا أن أعضاءها لا يساعدون أحداً من خارج التنظيم، كما أن ولاءهم للجماعة فقط، ثم تأتي الشهادة التي تفسر ما يجري في مصر حالياً، وهي أن الجماعة -حسب هؤلاء الإسلاميين- لا تستكين حتى تستحوذ على كل شيء، وفي كل المجالات، وهذه عقيدة يؤمنون بها!.
وختاماً، يقرر السيد إبراهيم أنه -والحالة هذه- ليس أمام المصريين «إلا الاستسلام لقضاء الله ثم الإخوان، أو الاستعداد لثورة ثانية، لتحرير مصر من جبروت الإخوان المسلمين».
فاصلة:
«لن يخدعك أحد ما لم تسمح له بذلك».
غاندي
ahmad.alfarraj@hotmail.comتويتر @alfarraj2