عاتبني البعض عندما استمعت (لرأي شخص) من ذوي الاحتياجات الخاصة ممن يتكلمون (لغة الإشارة) قابلته في الشارع خلال تقرير تلفزيوني قدمته هذا الأسبوع حول (قضية عامة)..!
طبعاً المنتقدون يقولون استغرقت حوالي (3 ثوان) إضافية صامتة في مداخلة (لغة الإشارة) المذكورة، فيما أشاد آخرون بالفكرة التي قد تكون جديدة في صناعة (الأخبار التلفزيونية عربياً) على طريقة (الفوكس بوب) عبر التعرف على رأي الشارع (عشوائياً) حول قضية محددة، وليست مشاركة معدة مسبقاً، وقد كانت إجابة الشخص الذي اخترته بالصدفة معبرة جداً ومختصرة ودقيقة ومباشرة أكثر ممن تحدثوا معي بألسنتهم..؟!
من الصعب تجاهل أناس يعيشون بيننا وتغييب (آرائهم وأفكارهم) فقط لأنهم لا يملكون (ألسنة ناطقة) تعبر عنهم ويستطيعون التواصل بها معنا..!.
أحد الأصدقاء قبل (ثلاث سنوات تقريباً) كان يفكر بافتتاح (قناة تلفزيونية سعودية) خاصة بالصم والبكم، وقام بإجراء دراسة جدوى وتحديد التكاليف وخطا خطوات في هذا المضمار لكنه توقف أخيراً لأن (المُثبطين) لفكرته كانوا أكثر من المشجعين والمراهنين على نجاح المشروع..!.
في الإسماعيلية بمصر سبق أن زرت (مقهى الصم الشعبي)، حيث يجتمع يومياً العشرات من (فاقدي السمع والنطق)، يتحاورون ويتناقشون فيما بينهم، ويساعد بعضهم بعضاً في (منظر مهيب) يبين لك قدرة الإنسان على تجاوز الإعاقة والتكيف معها، بينما في الرياض هناك (مقهى راق) بالقرب من (مدينة الملك فهد الطبية) يجتمع فيه عدد كبير من (الصم) يومياً ومنذ أن يفتتح أبوابه عند (السادسة صباحاً) أستمتع دوماً برؤيتهم يضحكون ويتمتمون وهم يحتسون القهوة ويتصفحون بعض الصحف، في بعض الأحيان (تُفزعني) صرخة أحدهم وهو يعلق على صورة أو (عنوان في صحيفة) يبحلقون فيها جميعاً، ثم يطلقون حركات وضحكات (تعقيبية)، وبمجرد أن يمتلئ (المقهى) بالموظفين عند (السابعة والنصف) يغادرون إلى (أعمالهم) وكأن الزبائن الآخرين قد أزعجوهم..!.
إن احترام هذه (الفئة الغالية) واجب ومسؤولية يجب أن نستشعرها (جميعاً)، كتبت سابقاً عن (مبادرة أمانة مدينة الرياض) لتخصيص فعاليات ومسرحيات (للصم والبكم) وننتظر المزيد، خصوصاً من (شاشاتنا المحلية) فهناك قنوات عالمية بدأت في تخصيص جزء من الشاشة (للغة الإشارة) في نشرات الأخبار والأحداث أو التعليمات ونشر (الأنظمة المهمة) وهو أمر واجب حتى لو في نقل مناقشات (مجلس الشورى) أشعروهم بأنهم جزء من المجتمع يا جماعة..!
هل تعتقدون أن من (الفنانين) من سيكون سباقاً (كإنسان مرهف الإحساس) وسيقدم شيئا من أغانيه بلغة الإشارة عبر (الفيديو كليب) احتراماً لهم وللترويح عن أنفسهم؟!
أم أنني أحلم، وفقط نحن من يستحق الإشارة سمعياً، على طريقة (أشر لي بالمنديل.. يا هوه)؟!
وعلى دروب الخير نلتقي.
fahd.jleid@mbc.net