ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Sunday 08/04/2012/2012 Issue 14437

 14437 الأحد 16 جمادى الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

      

يقولُ الشاعر: (رُبَّ يوم بكيت منه ولما... صرتُ في غيره بكيتُ عليهِ)، ويبدو أن العرب سيرددون هذا البيت كثيراً؛ فكلُّ يوم يمر أشعر أنَّ صُنّاع الانتفاضات الشعبية التي أودت بالأنظمة سيَبكونَ على الأمس عندما يُعاصرون الأنظمة التي سترث من أسقطوهُم. الديمقراطية ليست بالضرورة خيراً على البلاد دائماً؛ فقد تكون وبالاً عليها؛ خاصة إذا كان المُنتخبون لا يُفرقونَ بين الأَلف وكوز الذرة كما يَقولُ الإخوةُ المصريون؛ ومثل هؤلاء هُم للأسف أغلبية الشعوب العربية؛ فالناخب الذي يختار مرشحه بناءً على المظهر أو اللحية أو حتى السمعة والاستقامة الشخصية فقط، دون أن يتأكَّد من برنامج المرشح، ولا كيف سيُحل مشاكله؛ فهو من هذه النوعية.

هناك من يُصر على أن تجربة ما يُسمى بالإسلام السياسي ضرورة لا يمكن تجاوزها؛ فمثلما جرّب العرب الأنظمة القومية بمختلف أطيافها وفشلت، ومثلما جرّب آخرون الشيوعية وفشلت، واقتنعوا في بعد التجربة أن هذه الأيديولوجيات أورثتهم التخلف الحضاري بمعناه الواسع؛ فمن حق حركات الإسلام السياسي أن تأخذ فرصتها؛ فإن استطاعت أن تحقّق الحلول الحضارية، فهذا هو المطلوب، وإن فشلت سيكون مصيرها مصير من سبقوهم.

لا أحد يُمانع من أن يأخذ أيُّ تيار سياسي فرصته طالما أنه أتى عن طريق صناديق الانتخاب؛ ولكن- وهنا مربط الفرس - شريطة أن يترك السلطة إذا ثبت فشله.. غير أن تجربتنا مع الإسلام السياسي أنهم بمجرد أن يصلوا إلى قمة الهرم، يُعيدون (إخراج الدساتير)، مُتكئين على الأغلبية، ثم يُفبركون أنظمة وقوانين، أو يتذرعون بذرائع شتى، تجعل بقاءهم دائماً؛ فإذا تغيّروا تغيّر الأشخاص، بينما تبقى الأيديولوجيا الحاكمة تفرض نفسها بقوة الدستور المصمم سلفاً لإبقائهم.

خذ إيران مثلاً؛ إيران وصل إسلامها السياسي إلى السلطة، ثم أعادوا تصميم الدستور، وأنشأوا آليات قانونية أخرى تهدف ألا يصل إلى السلطة غيرهم.. ورغم فشلهم في إيران، ورغم الفقر، ورغم الأزمات، ورغم المآسي الكارثية بشتى أنواعها، لا يتغيّر هناك إلا الأشخاص، أما النظام، بدءاً من المتربع على عرش (الولي الفقيه)، وانتهاءً بالممسكين بمجلس تشخيص مصلحة النظام، مروراً بكل مؤسسات النظام، فهؤلاء خارج التغيير.

حماس كذلك تجربة إسلامية أخرى تؤكّد صحة ما نقول؛ فهي فصيلٌ من فصائل الإخوان المسلمين. جاءت إلى السلطة من خلال صناديق الانتخاب، وعندما شعروا أن صناديق الانتخاب قد تقتلعهم من السلطة بسبب فشلهم، اختلقوا من الأسباب والذرائع ما يضمن بقاءهم في السلطة، ثم انفصلوا بغزة؛ وبقوا بقوة السلاح رغماً عن أنوف من انتخبوهم.

الإخوان المصريون الآن مصرون على أن اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور يجب أن تُشكّل حسب الأغلبية؛ أي أنهم عملياً مَن سوف يصمم دستور مصر الجديد. كما أنهم سوف ينافسون على رئاسة الجمهورية من خلال مرشحهم (خيرت الشاطر) وسيتولونها قطعاً إذا استطاعوا تجاوز إشكالية عدم أهلية الشاطر القانونية للترشح، بسبب أنَّ عليه أحكاماً قانونية سابقة تمس أهليته في الترشح، والعفو عنه الذي أصدره المجلس العسكري لاحقاً حيال هذه الأحكام لا يمتد ليؤهله لأن يترشح كرئيس للجمهورية كما يقول القانونيون؛ كما أن ممثلي الإخوان هم الأغلبية في مجلس الشعب، وكذلك الشورى؛ ولأنهم والحركيون السلفيون هم المطبقون على مفاصل السلطات التشريعية، سيصدرون كماً من القوانين والآليات التشريعية، خلال فترة حكمهم، تهدف إلى إبقاء أيديولوجيتهم هي الحاكمة وإن تغيّر الأفراد؛ بحيث يُكررون التجربة الإيرانية بحذافيرها؛ عندها يصبح بقاؤهم في السلطة أبدياً.

ولكي لا تتكرر تجربة ملالي إيران، وإخوانيي حماس، يجب على الأقل أن يُشارك في صياغة الدستور كل الأطياف السياسية الذين وصلوا إلى مجلس الشعب، بغض النظر عن الأغلبية الآن؛ أي بنسب تمثيلية متساوية، بحيث لا يكوّنون أغلبية في اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور، وإلا فالمرشد العام سيصبح (الولي الفقيه) في مصر وإنْ من وراء الكواليس.

إلى اللقاء.

 

شيء من
لكيلا تتكرر تجربة إيران وحماس
محمد بن عبد اللطيف ال الشيخ

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةجريدتيالأرشيفجوال الجزيرةالسوق المفتوحالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة