ريتشارد كوهين
على مدار أكثر من عام الآن، أكدت أفضل العقول في واشنطن أن النظام السوري بقيادة بشار الأسد على وشك السقوط، وعادة ما يصاحب ذلك التأكيد ثقة كبيرة، بإشارات وإيماءات توحي بأن ذلك بات وشيكًا، إلا أن الطاغية السوري لا يزال يتشبث بالسلطة ويذبح شعبه ويدمر أحياءً بكاملها، ويتحايل ويخدع الجامعة العربية والأتراك، وحتى الاتحاد الأوروبي - الذي منع زوجة الأسد مؤخرًا من التسوق داخل أوربا.
بعدما تم تضييق الخناق المالي عليه، قام الأسد بمضاعفة جهوده الحربية ضد شعبه والتي أسفرت عن مصرع عشرة آلاف شخص حتى الآن، وما يزيد عن مائة ألف لاجئ، ومأساة إنسانية كبرى لبلاده سوريا.
لقد سقط الاعتقاد الساذج بأن بشار الأسد سيسقط في سوريا كما سقط حسني مبارك في مصر، فالأخير إما أنه لم يرد أولم يستطع استخدام القوة المفرطة ضد شعبه، أما الأسد ففعل ذلك، وسوف يستمر في فعل ذلك إلا إذا قامت الولايات المتحدة باتخاذ دور القيادة من أجل التخلص منه.
وكما الحالة الليبية، هناك أسباب تدعوالولايات المتحدة للبقاء بعيدًا، فسوريا على أي حال ليست معركة الولايات المتحدة، ولكن هناك أرواح كثيرة على حافة الخطر واستخدام القوة الأمريكية من أجل الأسباب الإنسانية هو من الأمور الصائبة التي يجب دعمها، فالولايات المتحدة لم يكن لديها أي مصلحة في البلقان، ولكنها أنهت الوضع بقصفها لمواقع الجيش الصربي ثم بعد ذلك صربيا نفسها، وتلك العملية كانت مختصرة إلى حد ما، ولم تكلف الولايات المتحدة خسارة جنديا واحدا، وفي ليبيا كان الوضع كذلك أيضًا، لم نفقد أمريكيًا واحدًا.
القوة الجوية الأمريكية تستطيع أن تحدث فارقًا في سوريا، فهي تستطيع أن تحد أوتقضي على الخطر الذي تمثله مروحيات الأسد ودباباته، بالرغم من أن هناك تقارير تفيد بأن نظام الاسد يستخدم دروعًا بشرية ويضع أطفالا على الدبابات، مما يجعل ذلك اكثر صعوبة. وبالرغم من ذلك فإن ذلك نظام لم يستطع في خلال عام كامل أن يهزم معارضة مقسمة ويائسة يمكن هزيمته بسهولة.
تحرك الولايات المتحدة واتخاذ خطوة إيجابية سيصيب روسيا بالشلل وكذلك إيران، فسوريا دولة تابعة لإيران، وزوال نظام الأسد سيمثل صفعة كبرى لإيران. كل شيء يمكن توقعه إلا مستقبل الشرق الأوسط، ولكن على أي حال فإن تركيع الأسد سيكون له تداعيات إيجابية.
أما الحجة الأخرى وهي أن تحرك الولايات المتحدة بجيشها وتسليح الثوار وإنشاء منطقة حظر طيران وقصف مناطق في سوريا سوف يمثل منزلقًا خطيرًا لواشنطن، فإن ذلك لم يمنع بيل كلينتون من التحرك في البلقان ولم ينزلق في ذلك المنزلق أيضًا، ولم يضع جندي أمريكي واحد قدمه على الأرض هناك، وكذلك فعل أوباما في ليبيا، وذلك النوع من العمليات يمكن أن يتم تطبيقه في سوريا، ولكننا للأسف تجاهلنا دروس البوسنة، وفي النهاية فإن رفض تسليح المعارضة السورية لن ينهي الصراع أوحتى يقلل من وتيرته، ولكنه سيطيل أمده، والبعض يتحجج بأن إنشاء ملاذات آمنة يعني اتخاذ الأسد وجيشه المزيد من الرهائن وإنشاء مناطق جديدة للقتال، وكذلك يضربون أمثلة بسربرينيتسيا عندما تم ذبح ثمانية آلاف مسلم، وأن الأسد لديه الكثير من الأسلحة الكيماوية، ولكن الغرب فرض عقوبات على سوريا وهي مؤلمة بلا شك، وانخفضت العملة السورية وأصبحت بلا قيمة، وسرعان ما سيصبح التهريب هوالمشروع الأربح في البلاد، وقد أعلنت الولايات المتحدة أنها ستوفر الإمدادات غير القتالية إلى المعارضة، وهذا بلا شك سيساعد، لكن ذلك السير البطيء نحو الحل لن يكون مجديًا، فنحن الآن نطالب الأسد - أسود القلب - بأن يكون له قلب! إن أوباما يضيع الوقت في حين أن الأنفس تزهق على الأرض، ففي ليبيا قاد أوباما الحرب من خلف الستار، ولكن في سوريا فإن أوباما لا يقود شيئًا على الإطلاق.
(واشنطن بوست) الامريكية