مارجريت كلاين
روسيا لاعب رئيس في الأزمة السورية بسبب نفوذها المزدوج لدى دمشق وفي مجلس الأمن الدولي بفضل حق النقض (الفيتو) الذي تتمتع به. تحاول روسيا ضمان استمرار أحد أهم شركائها السياسيين في المنطقة دون أن تجد نفسها في مواجهة الغضب الدولي والإقليمي العارم الذي يحاصر نظام بشار الأسد وبدون إلحاق المزيد من الضرر بمصالحها طويلة المدى في المنطقة. والحقيقة أن الآثار المدمرة لموقف روسيا الراهن من الأزمة السورية متعددة:
أولا ، استمرار الموقف الروسي المعارض لأي قرارات من مجلس الأمن الدولي يعني دفع الأطراف الأخرى إلى البحث عن مسارات أخرى خارج المسار الأممي وهو ما يهمش الدور الروسي في الأزمة.
ثانيا: روسيا تعزل نفسها إقليميا، فكلما ابتعد اللاعبون الرئيسيون في المنطقة مثل تركيا وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي عن الأسد، زادت مخاطر ظهور روسيا بمظهر حامي الأسد على أسس السياسة الخارجية لروسيا في الشرق الأوسط، والتي تقوم على العلاقات الجيدة مع كل اللاعبين المحليين وصورتها القديمة كوسيط نزيه في المنطقة.
وأخيرا، فإن احتمالات بقاء الأسد في السلطة تتراجع، ولذلك تخاطر روسيا بعزل نفسها عن سوريا أيضا إذا ما فقدت مصداقيتها لدى المعارضة السورية الآن.
وقد بدأت القيادة الروسية تدرك حجم الأضرار التي ألحقتها بمصالحها طويلة المدى بسبب موقفها الراهن من سوريا. فقد بدأت تسعى إلى تنسيق أكبر مع الدول العربية وهو ما حقق نجاحا بالفعل من خلال الخطة الروسية العربية لحل الأزمة السورية والتي تم طرحها في 10 مارس الماضي. علاوة على ذلك فإن وزارة الخارجية الروسية دعت أعضاء المعارضة السورية لزيارة موسكو في نوفمبر الماضي. كما بدأت تنتقد الأسد بصورة أكبر وأقوى خلال الأسابيع الأخيرة. كما تدعم موسكو جهود المبعوث الدولي والعربي لسوريا كوفي عنان أمين عام الأمم المتحدة السابق. وكذلك أيدت بيان مجلس الأمن الدولي بشأن الأزمة السورية.
من المهم جدا إدراك أن السياسة الخارجية للرئيس الروسي المنتخب فلاديمير بوتين لا تقوم على أسس أيديولوجية وإنما على أسس واقعية ومصلحية. فسوريا أهم عملاء صناعة السلاح الروسية. كما أن القاعدة البحرية الروسية في مدينة طرطوس الروسية هي القاعدة الخارجية الوحيدة المتبقية لروسيا منذ عهد الاتحاد السوفيتي السابق.
ضمان الدعم الروسي لأي حل في سوريا سوف يحتاج إلى منهج دبلوماسي خالص. فالتدخل العسكري في سوريا خط أحمر بالنسبة لروسيا من حيث المبدأ في ضوء التجربة الليبية عندما تحول قرار مجلس الأمن الدولي بفرض حظر طيران على نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي إلى بوابة لتدخل عسكري كامل من جانب حلف شمال الأطلسي (ناتو).
* كبيرة الباحثين في المعهد الألماني للشئون الدولية والأمنية في برلين - (موسكو تايمز) الروسية