القرب من الله - عز وجل - من أجَلِّ النعم أو أجلّها على الإطلاق، وهذا القرب قد يحسن تفسيره بمعنيين، كل واحد منهما لا يَقِلُّ عن الآخر من حيث الأهمية وكونُه يُفضي إلى السعادة، وينأى بصاحبه عن دَرْك الشقاوة.
أما المعنى الأول فهو القرب بمعنى التقرب إلى الله بالعبادة، والإخلاص، أو بمزيد من ذلك، بحيث يتلذذ الإنسان بالتقرب إلى الله، وإيثار محبته - عز وجل - ونحو ذلك.
وأما المعنى الثاني فهو القرب من الله بمعرفته، أي بمعرفة الطريق الموصل إليه؛ فيصبح العبد بذلك قريبًا من الله، بحيث إذا ابتعد عن طاعة ربه، وتطوحت به نفسه الأمّارة بالسوء، ثم أراد القرب من الله لاحت له أعلام الطريق واضحة، حاله كحال المسافر الذي يعرف الجادة لا ينحرف بعيداً عنها؛ فإذا انحرف عنها قليلاً تيسّر له العودة إليها.
وكذلك الحال بالنسبة لمن هو عالمٌ بالله، وبالطريق الموصلة إلى مراضيه؛ فإنه سرعان ما يعود إليه كلما ابتعد عنه، بخلاف الذي لا يعرف ربه، أو كان جاهلاً بالطريق الموصلة إليه، أو لم تكن له الدراية التامة بتلك الطريق؛ فإنه يتخبط في ديجور الظلمة، ولا يكاد يخرج منها.
ولهذا كان من دعاء المؤمنين في كل ركعة {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}.
والحاصل أن القرب من الله بشتى معاني القرب أمارةُ سعادةٍ، وعلامةُ توفيقٍ {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ}.
* جامعة القصيم