دندون شاب مجهول لا يعرفه أحد قفز فجأة إلى واجهة الأحداث. لم يصنع دندون معجزة ولم يحقق إنجازاً. تناقلت وسائل الإعلام اسمه على أثر الشكاوى المتتالية المقدمة من سكان حي السويدي الغربي بالرياض، بعد أن طيّر النوم من عيونهم بممارسته التفحيط في الساعات المتأخرة من الليل.. طبعاً دندون ليس الاسم الحقيقي للمفحط، وإنما لقب حركي يعرف به في أوساط الشباب العاشقين والمتابعين والمعجبين به وبأمثاله من شباب انجرفوا لممارسة هذه اللعبة الخطرة جداً، وهي هواية فقط عندما تمارس في أماكن مغلقة ومخصصة لهذا النوع وبعيدة عن الأحياء السكنية لكنها تتحوّل إلى مصدر خطورة وابتلاع لأجساد البشر، وإزهاق لأرواح الناس حين يحوّل الشباب شوارع الأحياء الطويلة إلى حلبات حرّة لممارسة التفحيط بعيداً عن رقابة الجهات المسؤولة.
دندون المتهور وحسب الأخبار التي تواترت عنه ظل لسنوات يفحط ويسبب الإزعاج للسكان، وربما ارتكب جرائم بحق العابرين وأزهق أرواح أبرياء وتسبب في إحداث إعاقات جسدية لأشخاص لا ذنب لهم، وخرب ممتلكات خاصة وعامة، وقطع إشارات، علاوة على استهتاره بالنظام وخروجه عن نسق التنظيم، ولم يبادر مرور الرياض للقبض عليه إلاّ عندما صدرت توجيهات سمو أمير منطقة الرياض القاضية بسرعة القبض عليه لحماية الناس منه وكف شره، بعد أن نفّذ صبر السكان من استهتاره وإزعاجه وتجاوزه للأنظمة.
الغريب أنّ دندون ظل حراً طليقاً يفحط كما يحلو له دون أن يوقفه أحد، والأغرب هو تصريح الناطق الرسمي باسم المرور لوسائل الإعلام في ليلة القبض على دندون، عندما أكد أنّ دندون معروف لدى مرور الرياض، فهو صاحب سوابق في التفحيط، وسبق أن عمّم عنه قبل شكاوى السكان! بصراحة هذا التصريح إدانة للعمل الميداني للمرور، فكيف يقف المرور عاجزاً كل هذا الوقت دون القبض عليه وإيداعه السجن، وتطبيق أقسى العقوبات عليه؟ وأين المرور عن مئات المفحطين الذين سبّبوا الإزعاج للناس، ونصبوا كمائن الخطورة التي تهدد أرواحهم في كل لحظة؟ وهل أرجأ المرور مبادرته في ملاحقة المفحط حتى يدهس كل سكان الحي؟ وهل كانت عملية القبض بعيدة المنال قبل توجيهات سمو الأمير سطام؟
دندون من طيور الليل لا تحلو لحظاته إلاّ بإزعاج النائمين. يبدأ بممارسة هوايته من الواحدة وحتى الرابعة فجراً، وبهدير سيارته المستأجرة أو المسروقة يحوّل هدوء الحي الوادع، وبكل أنواع الإزعاج، إلى جحيم من الضجيج الطارد للسبات والجالب للأرق، ودندون لا يهمه الشيخ الكبير والمرأة الطاعنة في السن ولا الأطفال ولا المرضى. رقم واحد في قائمة أولوياته تقديم عروضه الخطيرة وسط تصفيق المراهقين ونظرات الإعجاب من السفهاء. يلجأ كل ليلة لاستبدال السيارة بسيارة أخرى قد يكون أستأجرها أو في الغالب سرقها مستغلاً ضعف الرقابة والمتابعة، وبنهاية مهمّته يرميها ويبحث عن أخرى.
قد يكون هناك قصور في حق الشباب بندرة الأماكن المخصصة لهم، لكن هذا ليس مبرراً للتفحيط والإزعاج بأيِّ حال، ولا مسوّغ لإهمال المرور وعدم ملاحقته للجناة وإيقاع أشد العقوبات عليهم، فمئات المفحطين غير دندون لازالوا يبثون الإزعاج وينشرون الرعب ولم نجد أثراً ملموساً في تحجيمهم والقضاء على تهوُّرهم.
shlash2010@hotmail.comتويتر abdulrahman_15