عندما خرج ملايين المصريين للتظاهر للمطالبة بإسقاط نظام مبارك، فإنهم كانوا يعرفون إن مطلبهم هو تنحي مبارك وزوال نظامه، ولكنهم لم يكونوا يعلمون ماذا يريدون كبديل.
ومنذ فبراير 2011 اشتعل الجدل حول هوية مصر ما بعد مبارك، وهذا الجدل بلغ ذروته مؤخراً إثر تشكيل اللجنة التي سيوكل إليها صياغة دستور البلاد، التي تأتي أغلبية أعضائها من صفوف الإسلاميين. إن مهمة اللجنة بالغة الصعوبة حيث تتصارعها ثلاث جماعات سياسية وايديولوجية ذات مصالح متضاربة.
اللاعب الأول هو المجلس العسكري الحاكم في مصر الذي يريد الإبقاء على امتيازاته في الدستور الجديد وأن يكون بمنأى عن أي إشراف من قبل جهة منتخبة، وألا تخضع موازنته إلى رقابة برلمانية. أما اللاعب الثاني هو القوى الإسلامية المنتخبة في البرلمان، فإنها تقول: إن خيارها هو خيار الشعب الذي اختارها لتمثله. ويثير سيطرة الإسلاميين على كتابة الدستور الطرف الثالث في ميزان القوى في مصر، وهو الأقليات والقوى السياسية اللبيرالية واليسارية التي تريد دستوراً علمانياً لضمان الحريات السياسية والشخصية والعدالة الاجتماعية والمساواة.
الدستور ليس الساحة الصحيحة لهذه الحروب ودور الدستور يتمثّل في تحديد القضايا الرئيسة، وهي المساواة أمام القانون والمواطنة والديمقراطية. كما ان الدستور يجب أن ينظم العلاقة بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وضمان مشاركة وتنافس جميع القوى السياسية بحرية ومساواة.
يجب ألا يزج بقضايا مثل موازنة الجيش وامتيازاته والهوية الدينية لمصر في الدستور.
* * *
افتتاحية (الأوبزرفر) البريطانية