في حلقة يوم الاثنين الماضي حاولت لفت النظر إلى مأساة العامل الهندي في قرية عماير بن صنعا.وعدت القراء الكريم بمحاولة توجيه الاتهامات المباشرة إلى كل من أعتقده ضالعاً بحكم موقع المسؤولية الرسمية أو الاجتماعية في حصول تلك المأساة لمقيم خرج من بلاده إلينا قبل ثمانية عشر عاماً ولم يعد إليها بعد لأنه أخضع للاحتجاز القسري مع الماشية في الصحراء.
1 - أتهم كل أقارب ومعارف كفيل العامل بالتخلي عن واجبهم الشرعي والأخلاقي في إقناع الكفيل لتأدية ما عليه للعامل كاملاً غير منقوص. لابد أن كل ذي صلة وثيقة بالكفيل كان يعرف أن لديه عاملاً في حظيرته الصحراوية وأن هذا العامل يعيش وضعاً غير إنساني، ويعرفون أن العامل لم يسافر إلى أهله طيلة الأعوام المذكورة.
2 - أتهم العاملين في مركز شرطة عماير بن صنعا بالإخلال في أداء واجبهم الرسمي في التحري المطلوب منهم كشرطة عن أحوال من لا حول لهم ولا قوة من المواطنين والمقيمين الذين قد يتعرضون للأذى وهضم الحقوق ولكنهم لا يستطيعون الوصول إلى المركز للتبليغ والشكوى. أتهمهم أيضاً بالسكوت المتواطئ مع أحد مواطنيهم عن رفع الظلم عن العامل المحتجز، لأنهم ولابد قد عرفوا عن أحواله البائسة وبقائه ثمانية عشر عاماً لم يسافر أثناءها إلى أهله.
3 - أتهم الهيئات الرقابية الرسمية المسؤولة في وزارة الداخلية عن متابعة إقامة وتصرفات ودخول ومغادرة أي مقيم في المملكة العربية السعودية. الإهمال في القيام بهذه الواجبات يؤدي حتماً إلى الغفلة ليس عن عامل محتجز رغم أنفه، بل عن عمالة وافدة تعيث في الأرض فساداً لأنها أمنت المراقبة والمتابعة والتأديب والترحيل. التقصير في هذه المجالات أعتبره تراخياً رسمياً في تأمين البلاد من العبث الأمني والأخلاقي والحقوقي.
4 - أتهم المسؤولين عن شؤون المقيمين الأجانب في الجوازات وتجديد الإقامات وأسألهم لماذا لم يستنتجوا من معلومات الحاسب الآلي وملفات الضبط لديهم أن ذلك العامل لم يغادر البلاد منذ اليوم الذي دخلها فيه قبل ثماني عشرة سنة، وهل تنتهي متابعة الوافدين عند بوابة الدخول إلى المملكة ؟.
5 - أتهم الهيئات الاحتسابية التي تتابع حركات الناس في الأسواق وتهمل مراقبة ما هو واقع في ميدانها الجغرافي من أكل حقوق الناس واستضعافهم، ويكون عملها تنسيقياً مع شرطة عماير بن صنعا.
6 - أتهم السلطات الأمنية في وزارة الداخلية بالإهمال في التدقيق على امتداداتها الطرفية في الهجر والقرى النائية وعدم الزامها بالقيام بواجباتها الأمنية ومتابعة كل وافد في دائرتها الجغرافية والتأكد من محل إقامته ووضعه الصحي الذي قد يكون معدياً ووضعه الحقوقي، وإن كان ما زال على قيد الحياة أم قد يكون فارقها بواقعة جنائية مجهولة.
7 - وأخيراً أتهم سفارة الهند بالتخلي عن متابعة واحد من رعاياها غادر بلاده قبل ثمانية عشر عاماً وانقطع عن أهله وكان من الممكن أن يكون قد مات أو قتل واختفى أثره إلى الأبد.
لم يبق لي بعد كيل هذه الاتهامات شيء سوى الأمل في إحكام الضبط والربط في هذه البلاد بحيث لا تتكرر مثل هذه الحالات، والأمل أيضاً في رد الاعتبار الإنساني والحقوقي للذي تعرض لكل هذا البؤس في بلادنا وتعويضه بما يرضيه عمّا فقده من كرامة وما جثم على صدره من هموم ومعاناة طيلة الثماني عشرة سنة التي قضاها محتجزاً وحيداً في صحراء عماير بن صنعا مع أغنام الكفيل.