وزير الاقتصاد والتخطيط د. محمد الجاسر يدخل من جديد في أزمة تعريف المصطلح: تعريف الفقر، ومن هو الفقير، وأيضاً هل هو صندوق الفقر أو التكافل الاجتماعي. ففي حديثه لبعض وسائل الإعلام يدخلنا من جديد في جدلية المصطلح والعبارات التي فشلنا في الإفلات منها أو الخروج من دائرتها: ضرورة التحول إلى الاقتصاد المعرفي، مواكبة متطلبات سوق العمل، رفع الكفاءة الإنتاجية، ضرورة ربط دخل الفرد بالإنتاج... وفي المقابل نرى على الواقع الفعلي أن هناك اقتصاداً ينمو سريعاً وثراء لفئة من المجتمع، وأبراجاً تُبنى، ومجمعات سكنية وتجارية واستثمارات ونمواً في العقارات الخاصة ومنشآت معمارية ضخمة وانتشاراً مكثفاً للبنوك و(مكائن) الصراف الآلي، ويقابل ذلك شريحة من المواطنين ما زالت على وضعها الاقتصادي إلاّ من زيادات طفيفة في سلم الرواتب والعلاوات السنوية، مع إغراق البنوك للمواطنين بالديون. قد لا يعنينا نحن المواطنين المصطلحات الاقتصادية وربما حتى المنشآت الضخمة والاستثمارية إذا لم يكن لها انعكاسات على دخل الفرد...
معالي الوزير د. محمد الجاسر قد لا يكون من الجيل الذي يتحدث بإسهاب عن المستقبليات دون أن يكون هناك انعكاسات على الأرض... وأنا هنا لا أرسم صورة وردية لشخصية د. محمد الجاسر، لكن أعتقد أن المعالجات السابقة لمشكلة الفقر يعرفها رجل الشارع العادي وليس مسؤول له سجل طويل بالاقتصاد الوطني يُنتظر منه - أي د. الجاسر - طروحات جديدة بصفته وزيراً للاقتصاد والتخطيط، لا أن يكون صدى لبعض الجهات والهيئات وتقاريرها التي تتحدث عن أرقام ومعطيات متطابقة مع الأرقام على الورق، لكنها لا تتفق مع الواقع..
جيل د. الجاسر هو الجيل الذي تدرج في التعليم الحكومي والجامعات، وغاص في الاقتصاد المحلي للمؤسسات والأفراد؛ لذا يُنتظر منه الكثير. وأيضاً وزارة بحجم وزارة الاقتصاد والتخطيط يُنتظر منها حل مشكلة الفقر، وأن يكون دورها رئيساً وليس مسانداً لوزارة الشؤون الاجتماعية، وكذلك في حل مشكلة البطالة يكون دورها رئيساً وليس مسانداً لوزارة العمل؛ وبالتالي هي شريك بمسؤولية في معضلتَيْ الفقر والبطالة.