عندما حذَّرت إحدى الجمعيات الطبية الكندية من الإفراط في كتابة رسائل (sms) في الجوال، لم يأت تحذيرها من فراغ، بل لأن عدداً من الباحثين لديها توصل إلى حقيقة علمية: أن الإبهام عُرضة للتلف.. نعم للتلف مع مرور الوقت، خصوصاً أن نسبة الإصابة بالتهاب المفاصل يرتفع مع بلوغ جيل الأجهزة الذكية الخمسينات من عمره، وهو العمر الذي يظهر فيه عادة هذا المرض. وهذا ما أكدته الباحثة كيلي بيرسون، عضو جمعية التهاب المفاصل الكندية لصحيفة “Postmedia News” الكندية “أنه من المتوقع أن يُصاب 20 في المائة من الناس بالتهاب المفاصل خلال السنوات الـ 20 القادمة، لسبب الإفراط الشديد في كتابة الرسائل النصية القصيرة”.
وفي اعتقادي الشخصي أن ذلك بسبب تزايد شعبية توجيه الرسائل القصيرة في المناسبات الاجتماعية وغيرها من هواتف الجوال قبل أن يُولد السيد “Twitter” والذي ازداد الأمر سوءاً بسببه لأن أصابع الإبهام شديدة الهشاشة، مما يجعلها صيداً سهلاً لمرض “الفصال العظمي”، وهو - باختصار شديد - تلف غير قابل للتجدد يصيب الأنسجة الغضروفية المفصلية التي تعمل على تقليل الاحتكاك الناتج من حركة المفاصل الدائمة بسبب “التغريد” ليل نهار، مما يقلل من حماية عظام اليد المشغولة بصياغة “تغريدة” جديدة من أجل التواصل على مدار الساعة مع قوائم الأصدقاء الطويلة لذكر خبر جديد أو التأكيد على خبر مهم أو التعليق على قضية “رأي عام” أو تصفية حسابات فكرية عقيمة.
أخيراً.. “تويتر” أعاد هيكلة البنية التحتية للعلاقات الاجتماعية، بل أعاد ترتيب الأولويات الثقافية تجاه قضايا الرأي العام، وخرج لنا بقوائم جديدة وفاعلة من خلال “التغريد” الإيجابي من أجل الارتفاع بسقف الاهتمام والتفاعل مع نبض الشارع، مما أعطى المسئول “فرصة” ذهبية للحصول على “تغذية راجعة” لكثير من “القرارات” و “الخدمات” التي تُقدم عليها أو تقدمها الجهات الخدمية للمواطن، كما أن “تويتر” بكل صراحة خلق نوعاً من “الرقابة” الإيجابية الطامحة إلى إصلاح الشأن العام، لذا أعتقد أن كل متحدث إعلامي بات يلزمه - في نظري - تأسيس حساب في “تويتر” لكي يوضح للرأي العام “حقيقة” ما يُثار بشأن الخدمات التي تقدمها وزارته أو إدارته للمواطنين كلما احتاجوا إلى ذلك، فإن لم يفعل فسيجد نفسه يغرد خارج الرأي العام.
sahem20@hotmail.com