“جورج كلوني” ممثل أمريكي قالوا عنه إنه شهير، وأنا بصدق لا أعلم عنه شيئاً، ولا حتى أعرف متى يصنف هذا الممثل أو ذاك بأنه من شريحة المشاهير، ولا يهمني هذا الأمر لا من قريب ولا من بعيد !!، المهم أنّ هذا الشخص الذي يمتهن التمثيل اعترف للصحافة بأنه لا يريد أن يكون أباً وينجب له أطفالاً، لأنه باختصار يقول عن نفسه بأنه لا يملك جينات الأب، عرف ذلك عندما كان يرعى مجموعة من الأطفال وصاح فيهم مطالباً إياهم بالتزام الصمت، علاوة على أنّ ما يحبه من أفلام لا تستهوي الصغار الذين تبنّاهم من قبل مما اضطره إلى أن يصيح في وجوههم بشدة يوماً ما.. نشرت هذا الخبر جريدة الشرق الأوسط في عددها الصادر يوم الأحد 12 -2 -2012م.
طبعاً ليس كل ما قاله محل اتفاق إلاّ أنّ هذا الخبر أثار في ذهني سؤالاً رئيساً.. ترى هل فكرنا بمسئوليتنا كآباء واستشعرنا دورنا الهام في بناء شخصية أولادنا بشكل صحيح، أم أنّ دور الكثير منا ينتهي قبل أن يبدأ وللأسف الشديد!!، هل فحصنا أنفسنا لمعرفة هل نحن نملك جينات الأبوّة الحقيقية أم لا، هل فكرنا بدور الأبوّة لحظة اختيار الزوجة التي ستكون أماً لأطفالنا، أم أنّ آخر ما نفكر فيه هذا الأمر؟!!.
إنّ كثرة المشاكل الأسرية التي تعيشها الأسرة السعودية، جعلت وزارة العدل تتبنّى طرح مشروع رخصة القيادة الأسرية المرتكزة على أخذ دورات تدريبية قبل ولوج عش الزوجية كشرط أساس لإتمام الزواج وإبرام عقد النكاح، ومع قناعتي بخطورة هذه المشاكل التي تقع بين الزوجين قبل الإنجاب وكثرتها، إلاّ أنني على يقين تام أنّ المشاكل التربوية الناجمة عن غياب القدوة وامتلاك الأب للمهارات والملكات والقدرات اللازمة للقيام بمهمة التربية الصحيحة في هذا الزمن الصعب، أكثر من ذلك بكثير وللأسف الشديد، وضررها وخطورتها أشد.
أسأل الآباء:
- كم مرة صرخت في وجه ولدك بلا مبرّر، أو أنّ الموقف كان في الحقيقة لا يتطلّب كل هذا الصراخ؟
- كم هي الكتب التربوية التي قرأتها من أجل ولدك؟
- كم هي القصص القرآنية التي توقفت عندها متأملاً ومؤمناً من أجل ولدك؟
- كم هي الدعوات التي أسررت بها بين يديْ الله رغبة في صلاح الأبناء؟
- كم هي الساعات التي قضيتها مع أولادك ومن أجل مستقبلهم العلمي والفكري والنفسي والاجتماعي والتربوي؟
- كم هي الرغبات التي تنازلت عنها حتى تكون قدوة صالحة لفلذة كبدك؟
- كم هي الأموال المحرّمة التي عففت عنها حتى لا يأكل ولدك حراماً؟
- كم هي الوقفات التأملية والمراجعة الذاتية التي قمت بها مع نفسك من أجل صلاح أبنائك؟
- كم هي مساحة الحرية التي منحتها وراقبتها من أجل أولادك الذكور والإناث؟
الأبناء كما أنهم نعمة فهم في ذات الوقت فتنة وابتلاء، ومن أصعب الأشياء أن يشعر الأب في يوم ما أنه سبب رئيس في ضياع ولده أو فشله.
إنّ الأولاد هم تجارة الإنسان الحقيقية وكم هي سعادة المسلم وهو في قبره تحت الأرض حين يرزقه الله ولداً صالحاً يدعو له، ولكن لابد من التذكر جيداً بأنّ الشرط الأهم في هذا صلاح الأب والأم أولاً، وهنا تكمن المسئولية وتنبعث الأهمية وتتحدد خارطة الطريق بكل وضوح ومصداقية.
البعض منا يريد أن يجمع بين حياة العزوبة والزوجية في وقت واحد، فلا هو صار أباً على الحقيقية ولا هو بقي قابعاً في حياة الفردية التي يعشقها ولا يستطيع أن يتجاوزها، بل ظل معلقاً بين هذه وتلك، والنتيجة الطبيعية عدم التوافق بين الزوجين ومن ثم التفكك الأُسري وضعف التربية وعدم الاكتراث بالمسئولية القيادية داخل بيوتنا السعودية !!.
إنها مجرّد تذكير عاجل ودعوة صادقة من قلب محب للعودة من جديد إلى ذواتنا، والتفتيش في كوامننا ومراجعة سجلنا الأبوي من أجل أولادنا الذين نتمنى أن يكونوا أفضل منا، والعاقل من اتعظ بغيره واللبيب بالإشارة يفهم .. أسأل الله عز وجل أن يصلح لنا ولكم النية والذرية وإلى لقاء والسلام.