البحث العلمي منهجية منظمة مدروسة تفرز نتائج منطقية وموضوعية توظف في حل مشاكل المعرفة البشرية مما يؤدي إلى تقدم الإنسان وانتقاله من توفير الحاجيات اليومية إلى أفضليات أخرى أعلى وأكثر قيمة ليعزز تفوقه الحضاري..والبحث العلمي هو اللبنة الأساسية للتطور الاقتصادي والاجتماعي فبدونه لا يمكن أن يكتمل البناء المعرفي والحضاري ، فهو حاجة ملحة لبناء المجتمعات وتطورها ، لما له من قدرة على ربط مخرجات التعليم العالي بسوق العمل الحقيقة.
ومن أهم الأمور التي يجب مراعاتها حتى يحقق البحث العلمي أهدافه في المجتمع وحل مشكلات سوق العمل ما يلي:
1. توضيح النظريات العلمية التي تم التوصل إليها أو التحقق من صلاحيتها مع بيان الحقائق المتناقضة في الفهم البشري واختيار الصحيح منها.
2. تصحيح منهجيات البحوث الخاطئة بما في ذلك استعمالات طرق ومؤشرات التحليل الإحصائي والتغذية الراجعة لتقويمها.
3. إيجاد تقنيات جديدة وأساليب حياة متطورة عبر الاستفادة من المتاح الطبيعي غير المكتشف، مما يسهم في زيادة المعرفة البشرية الحضارية.
وهناك فجوة كبيرة جدا بين القطاع الخاص والمؤسسات التعليمية والحكومية ، فلا بد من خلق نوع من الشراكة بين القطاع الخاص ووزارات التعليم العالي والبحث العلمي, بحيث نبدأ نوظف إمكانيات التعليم العالي في خدمة المجتمع.. على أن يكون لدينا خبرات وكوادر بشرية مؤهلة ومعامل وتجهيزات متوفرة.
إذا استطعنا أن نخلق هذه العلاقة وأن نسوق مواردنا البشرية والمادية الموجودة أعتقد أننا سنحقق نوعاً من التنمية، ونصل إلى حل مشكلات فرص العمل.
ومما يعوق الوصول إلى حل المشكلة وجود أخطاء في منهجية البحث، وهي كثيرة أهمها:
1. التهاون في اقتراح منهجية بحثية متكاملة تأخذ في اعتبارها كافة خطوات مراحل البحث وما تتطلبه كل منها من تنفيذ وأدوات ومقاييس وعمليات إحصائية وتفسيرية.
2. التهاون في اختيار عينات أو مصادر البحث، مؤدياً ذلك للحصول على نتائج ثانوية أو غير كافية من البيانات المطلوبة.
3. الاعتماد على عمال أو مساعدين غير مؤهلين في أخذ العينات أو القراءات بدون إشراف الباحث.
4. الإهمال في توصيف دقيق لمواد البحث، الأمر الذي يؤدي لاختيار عينات وبيانات قد لا تمثل بالكامل المشكلة التي يجري بحثها.
وللأسف الشديد معظم الأبحاث العلمية اليوم ما زالت إلى الآن بعيدة كل البعد عن التنمية وبعيدة عن ملامسة الواقع، فلابد أن ننتج أبحاثاً مركزة من الواقع تصب في قالب حياتنا العملية حتى يتم الاستفادة منها في سوق العمل، أما أن نكرر أبحاث الآخرين وننقل منها فقط فهذه أبحاث غير مفيدة ولن تعود بالفائدة على المجتمع، ولن تسهم في حل مشكلاته.
لذا يجب أن يسهم البحث العلمي في إخراج المجتمع من المشاكل التي يعاني منها..ومن أهمها البطالة التي هي مرض العصر، وهذا لا يكون إلا بتوفير فرص العمل لدى الشباب خاصة الذين يشكلون أكبر شريحة في المجتمع ولديهم القدرة على التحمل والبذل والعطاء.
ومن أهم الأمور المعينة على ذلك الدعم المادي الذي يعد السبب الرئيس في دفع عجلة البحث العلمي كي يحقق أهدافه ، والتي من أهمها: توفير فرص العمل.
فالدول المتقدمة تخصص إمكانات هائلة وتبذل أموالاً طائلة في سبيل تحقيق مستويات متقدمة في مختلف شئون الحياة عن طريق البحث العلمي، فإن مستوى ما تقدمه الدول العربية لدعم البحث العلمي لا يساوي شيئاً مقارنة بما تقدمه الدول الكبرى كأمريكا وفرنسا وألمانيا، وكندا.
فكيف بنا نحن في مجتمع ما يزال يعاني الكثير من المشاكل والعوائق والتقلبات الاجتماعية والسياسية.
ومن هنا تأتي أهمية إنشاء صندوق عربي لدعم البحث العلمي تشارك فيه كل الدول العربية بمؤسساتها الخاصة والعامة ، فهذا خير وسيلة للتغلب على مشكلات التأخر في نتائج البحث العلمي والإفادة منها في سوق العمل الذي بات يشغل اليوم تفكير العديد من الباحثين الاقتصاديين والاجتماعيين، حيث لوحظ مؤخراً ضعف إسهام القطاع الخاص في دفع عجلة التنمية مقارنة بالدور الكبير الذي يعول عليه.
وبعد هذا: يجب زيادة مخصصات البحث العلمي، وزيادة الاهتمام بالبحوث التطبيقية ذات العائد الاقتصادي والاجتماعي المباشر، وزيادة حجم التعاون بين الوحدات البحثية وقطاعات الإنتاج.
وأخيرا التركيز على اتباع وسائل التسويق الفعالة في تسويق نتائج البحوث العلمية والخدمات الاستشارية مثل إقامة المعارض التسويقية للمنتجات الجامعية وتوفير الإعلام العلمي الجيّد الذي ينبئ عن مدى قدرة الإمكانات الجامعية البحثية والاستشارية.
ومتى ضلت معظم البحوث والدراسات حبيسة أرفف الجامعات فنادرا ما تتم الاستفادة من تطبيق نتائج البحث على القطاعات المختلفة التي تحتاج لمثل هذه الحلول. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
المراجع:
1. ندوة البحث العلمي في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ( الواقع والتطلعات ) 12 -14 نوفمبر 2000م الرياض - المملكة العربية السعودية.
2. دويدري رجاء وحيد، 2000م - البحث العلمي أساسياته النظرية وممارسته العملية. دار الفكر المعاصر - سورية.
3. معروف محمد أحمد ، 2003م - كيفية القيام ببحث زراعي متكامل. ندوة نظمها مختبر الإكثار النسيجي بإدارة البحوث الزراعية والمائية - دولة قطر. الفترة 22 - 24 مايو 2003 م
4. البهادلي علي أحمد، 2001م - أصول البحث العلمي، مؤسسة الفكر الإسلامي. - مكتبة النيل والفرات.سورية.
5. عبيدات عبد الحق عدس، 1989م - البحث العلمي(مفهومه - أدواته - أساليبه) دار الفكر للنشر والتوزيع.
6..عمر زيان محمد، 1983م - البحث العلمي، مناهجه وتقنياته. دار العلم للطباعة والنشر، جدة - المملكة العربية السعودية.
7. بدر أحمد، 1984م - أصــول البحث العلمي ومناهجه. وكالة المطبوعات بالـكويت.
8. طاهر أحمد جمال، 1984م - البحث العلمي الحديث. دار الفكر للنشر والتوزيع. عمان - المملكة الأردنية الهاشمية.
dr-alhomoud@hotmail.comالمعهد العالي للقضاء