جواتام أديهكاري*
بدأ المفكرون الصينيون يقولون بشكل علني أن النموذج السياسي للصين أصبح متفوقا بالنسبة للنموذج الديمقراطي الليبرالي الغربي. على سبيل المثال كتب إيريك شي لي من مدينة شنغهاي في صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية يقول: إن المنافسة بين أمريكا والصين هي منافسة بين عملاقين لكل واحد منهما آفاق سياسية مختلفة بشكل جذري.
أمريكا ترى أن الحكم الديمقراطي «غاية في حد ذاته» في حين ترى الصين أن نموذجها السياسي الحالي «وسيلة لتحقيق الأهداف القومية الكبرى».
وبالنسبة لنا نحن الهنود الذين ترتبط بلادنا مع الصين بحدود طويلة شاهدنا هذا الاختلاف.
فالهنود يرون اختلافا جذريا آخر بين عملاقين يتجاوز عدد سكان كل دولة منهما حاجز المليار نسمة وهما الصين والهند.
وكل دولة منهما تتطلع إلى الرخاء والقضاء على الفقر في حين تستخدم كل واحدة منهما نموذجا مختلفا للحكم.
النموذج الصيني اليوم يبدو مثيرا للإعجاب ولا يشبه الاشتراكية بطابع صيني كما كان الزعيم الصيني الراحل دينج هسياو بنج يردد دائما.
فهذا النموذج أقرب إلى شركة رأسمالية ضخمة تسيطر عليها الدولة.
فالحزب الشيوعي بمثابة الشركة القابضة على القمة في حين أن المكتب السياسي للحزب أقرب إلى مجلس الإدارة الذي يدير نظاما من خلال شبكة ضخمة من الفروع.
الصين اليوم ليست الاتحاد السوفيتي بالأمس.
فاقتصادها مندمج بقوة في الاقتصاد العالمي.
وصادراتها تغطي أسواق العالم وهو ما لم يكن موجودا في حالة الاتحاد السوفيتي.
ثم إن امتلاكها احتياطيات نقدية بقيمة تتجاوز 3 تريليونات دولار من العملات الأجنبية بجعلها أكثر تأثيرا ونفوذا حقيقيا مقارنة بالاتحاد السوفيتي الذي كان كيانا ضخما لكنه بلا أي فاعلية سوى امتلاكه ترسانة من الأسلحة النووية.
النموذج الإداري للصين لم يساعدها فقط في الحصول على النفوذ المطلوب وإنما أيضا أصبح جاذبا للكثير من الدول النامية التي تسعى إلى تبنيه.
في المقابل فإن نموذج الحكم الديمقراطي في الهند أقل إثارة للإعجاب من الوهلة الأولى.
فهو فوضوي وفاسد وسياساته الائتلافية تجعل السياسيين غير فاعلين، وفقره ظاهر للعيان.
في المقابل فإن المواطنين في الهند منزعجون لأنهم ومع وتيرة التغيير مازالوا يمتلكون السلطات التي لا يمتلكها الصينيون.
كما أنهم (الهنود) يستطيعون الإطاحة بسياسييهم في أول انتخابات تالية و يستطيعون التعبير عن إحباطهم وخيبة أملهم في الحكومة بحرية في وسائل الإعلام.
ولكن الحقيقة المؤكدة هي أن الهنود يمتلكون سلطة انتخابية استثنائية وهو ما أدى رغم كل شيء إلى درجة من القدرة على المحاسبة والمساءلة في نظام الحكم.
ولذلك فإن العديد من كتب العلوم السياسية تعتبر النموذج الديمقراطي الهندي نموذجا مثاليا.
وفي حين يستمر التنافس بين نموذج الدولة-الشركة في الصين والنموذج الديمقراطي الليبرالي الغربي يجب على العالم متابعة التنافس المتصاعد بشأن نموذج الحكم بين أكبر قوتين سكانيتين في العالم وهما الهند والصين.
فالحقيقة أن التنافس بين هاتين القوتين يتعلق بالقيم وحقوق الإنسان وبما إذا كان لكل إنسان نفس حقوق المواطن في الدولة أم أن هذه الحقوق تتوقف على مكانته الاجتماعية أو الحزبية.
(ذا تايمز أوف إنديا) الهندية