قرأت ما نشرته الجزيرة بعددها يوم السبت الموافق 1-5-1433هـ بتعيين الدكتور عبد الله الوشمي أميناً عاماً لمركز الملك عبد الله الدولي لخدمة اللغة العربية، ولقد ابتهجت كغيري من الغيورين على اللغة والمحافظة على سلامتها، وتأسيس هذا المركز حلم راود كل غيور على اللغة العربية التي نزل بها كتاب سماوي خالد، فهي لغة القرآن والتراث المجيد، يتجسّد فيها البيان العذب المشرق الجميل والمعنى الرائع البديع، وتبرز فيها البلاغة والفصاحة، فهذا المركز طالما تطلع كل غيور على اللغة العربية إلى وجوده، فهذه البلاد هي منبت لغة الضاد ومتنزل القرآن الكريم ومهد الإسلام وموئل الفصحى وسمّاها القرآن الكريم اللسان العربي الفصيح، ولقد صمدت خلال القرون الطويلة بفضل انفتاحها المستمر على الثقافات والحضارات، وسيكون من أهم الأهداف التي يسعى المركز لتحقيقها المحافظة على سلامة اللغة العربية وترسيخها وتطويره ونشرها وتعزيز مكانتها ووضع المصطلحات العلمية والأدبية وتوحيد نشرها وتقديم الخدمات اللغوية للمؤسسات والهيئات والأفراد، ولا شك أن اللغة كائن حي يولد ويعيش يعروه ما يعرو الكائنات الأخرى، فيتغير ويتبدل ويجاهد فيصمد ويبقى. إنّ ما تعانيه اللغة العربية اليوم من ازدواجية في اللغة، وما تتعرّض له الفصحى من هجوم لمفردات عامية بدأت تزخر به وما يجري على ألسنة الناس اليوم مما هو بعيد عن الفصحى بل لا أصل له ولا أساس، كما أنّ بعض وسائل الإعلام من صحف وإذاعة وتلفاز في بعض البلدان العربية تساعد في ذلك مما لا ينتمي لأصولها وجذورها وشيوع الكثير من المصطلحات والمسميات الأجنبية تنتشر بيننا اليوم في هذه البلاد مهد الفصحى وهذا عقوق للغة في عقر دارها.
إن اللغة هي وعاء العلم والمعرفة والمعلومات وهي أداتها فلنعمل على توطين المعرفة وتعريب التعليم العالي ضمن خطة محددة لترجمة المصطلحات والمراجع والتنسيق مع مجامع اللغة العربية التي قامت وتقوم بجهد في هذا الميدان، من خلال التكنولوجيا المتقدمة والارتباط بشبكة المعلومات الدولية ومراكز المصطلحات العالمية.
إنّ الأمل كبير في هذا المركز في تطوير مناهج اللغة العربية وإجراء البحوث والدراسات اللغوية ودعمها وعقد الندوات وكل ما يعزز مكانة اللغة العربية والحفاظ عليها والنهوض بها، فاللغة هي الواجهة الحضارية للأمة وضعفها ضعف للأمة، وأن اللغة العربية التي حملت كل أعباء الحضارة قديماً لا يعجزها حمل كل أعباء الحضارة والعلم والتقنية في عصرنا الحاضر.
ورعاها الإله صوتاً رفيعا
لنداء التوحيد يبني السلاما
بك كل التجديد كل ثراء
بك إنا لقد رفعنا الهاما
وفي الختام تحية لمعالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري على دعمه كل ما يخدم المركز، وكذا أعضاء مجلس أمناء المركز ورئيس مجلس أمنائه الأستاذ الدكتور محمد الهدلق، وأسأل الله أن يمد الجميع بعونه وتوفيقه.
عبدالله بن حمد الحقيل - عضو الجمعية العلمية السعودية للغة العربية