حيزان وأخوه غالب جسّدا قصة حدثت مؤخراً في مدينة الأسياح بالقصيم، لكنها أشبه بالأساطير والحكايات التي نقرأها بدهشة كبيرة! في هذه القصة وجدنا رجلاً أعاد سير الأبطال لكن في تخصص (الرحمة بالأم) تُروى قصته لتجسّد قصص الرحمة بالأم، بعد أن جنحت سفينة البر بعيداً عن شط الوفاء ورد الجميل لهذه المخلوقة المحبوبة
عند كل الأمم، لكن ديننا الحنيف وضع لها شأن رفيع، بل وربط بين رحمتها ودخول الجنة ورضا الله! وإذا كنا نسمع عن عقوق وجرائم تُرتكب في شأن الأم بصورة تهتز لها القلوب وتقشعر لها الأبدان، فإن حيزان وأخاه غالب عزما على تقديم الصورة الأحلى والأكمل والأجمل للوفاء للأم! نبع ذلك من حب حقيقي لأمهما التي بلغت من العمر عتياً فسجلا وفاءهما بمداد من ذهب، يُفترض أن يجعلهما صنيعهما هذا مضرباً للمثل في الوفاء للأم عندنا، فنحن بحاجة إلى أن تُعمم الصور الزاهية والجميلة في مجتمعنا بعد أن حاصرتنا صور سلبية كثيرة شوّهت مراتع الجمال في حياتنا! ومختصر القصة أن حيزان الفهيدي وأخاه غالب يسكنان مدينة الأسياح بالقصيم اختصما في المحكمة ليس كما يحصل عادة بين الإخوة للمطالبة بأرض أو إرث أو غير ذلك، بل أيهما (يكفل) أمهما المسنة ويكون له حق رعايتها! شكا غالب أخاه حيزان لأنه رفض أن يجعل أمه تسكن معه، وبذلك فهو يحرمه من الوفاء لها ومن الأجر! لعلها أول محاكمة في التاريخ لطلب رعاية أم لا تملك من الدنيا كما ذكرت الأخبار إلا خاتماً نحاسياً! هذه القصة حيّرت القاضي أمام إصرار كل منهما على رعاية الأم التي أُحضرت للمحكمة محمولة بكرتون لوهن جسمها، لكن غالب بقرار المحكمة انتزع رعاية أمه فبكى حيزان وندب حظه! القاضي حكم لـ غالب لأنه أكثر نشاطاً من حيزان المسن! فبكى حيزان وأبكى كل من حوله!
تحية لحيزان فلقد أيقظ فينا محبة الأم قبل عيد ويوم الأم! كان المفترض من الإعلام والجمعيات التي لها علاقة بشؤن المجتمع والأسرة أن تحتفي بحيزان فنحن بحاجة إلى تسويق هذه القصة التي تجسد القدوة الحسنة لرعاية الأم والبر بها، ورحمة الأم المسنة والأب وبرهما بعد أن أشغلتنا الحياة.. هي مطلب ديني وروحي تنتعش به القلوب فالرجل مهما كبر يظل طفلاً في نظر أمه. ولذلك فإني أدعو كل رجل غادرَ حضن أمه ووجد الحياة قاسية في وجهه عابسة أقول له: عُد إلى حضن أمك باراً بها وطالباً منها الدعاء، أسعدها بالكلمة الطيبة والزيارة وتحقيق رغباتها ما استطعت إلى ذلك سبيلاً ستجد راحة لا يشعر بها إلا من يبرون بأمهاتهم وآبائهم! مارسْ طفولتك الجميلة والبريئة وأنت تلقي برأسك في حضن أمك اتركها تمسح على رأسك بكفها ستجد اللمسة الحنونة والصادقة كما هي لم تتغيّر! ذلك هو الحنان الصافي النقي الذي لا يتغير أبداً وهو الذي سيمدك بإكسير الحياة ويعيدك مرة أخرى لتكون أقوى ولتشعر بسعادة مصدرها الحقيقي هو لأنك راضٍ عن نفسك لأنك أرضيت أمك وكما قيل: فإن رضا رب العالمين من رضا الوالدين!
alhoshanei@hotmail.com