سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة الأستاذ خالد بن حمد المالك المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أما بعد:
فلم أتوقع أن يكون (الوقف) من روافد التنمية والاقتصاد في المجتمعات بهذا الشكل ولم أتوقع أن علماءنا عبر التاريخ قد (جعلوا) من الوقف ثروة اقتصادية تخدم المجتمع، وقد قرأت في صحيفة الجزيرة العدد 13477 الصادر يوم الأربعاء عن دراسة حديثة أصدرت في كتاب جديد في ولادته وفي محتواه للأستاذ سلمان بن محمد العمري وأعجبني اسم هذا الكتاب (ثقافة الوقف في المجتمع السعودي بين التقليد ومتطلبات المجتمع). وكما يظهر في اسم الكتاب، فإن مؤلفه يريد تغيير النظرة السلبية عند المجتمع حول الوقف وأنه ينحصر في مسجد وأضحية كل سنة إنه يطالب علماء الشريعة بفقه متطور للوقف ويطالبهم بالتنوع والإبداع والجديد في تفعيل وتخطيط مستقبل الوقف ليشارك الناس همومهم وحاجاتهم والخروج بالوقف عن دائرة التقليد والجمود إنه يأمل أن يكون الوقف شركات ومؤسسات استثمارية تخدم المجتمع بكل فئاته فهو يريد من الوقف ملاذاً للفقير والمريض ويريده ثروة للشباب في التعليم والتدريب والتأهيل والابتعاث. وباباً من أبواب حماية الإبداع والبحث العلمي الجاد. والمهم أن البحث عبارة عن محاولة لتغيير بعض الثقافات السلبية المتعمقة عند بعض أفراد المجتمع العربي عامة والسعودي خاصة، ففي أحسن الأحوال نجد أن كثيراً من يعرفون أهمية الوقف ومكانته في الإسلام، يظنون أنه مقصور على مجالات بعينها، مثل رعاية الأيتام، أو السقيا، أو إنشاء المكتبات، أو بناء المساجد أو الأضحية السنوية، ولا يمتد لغيرها من مجالات الخير التي قد تمثل ضرورة للمجتمع المسلم، وخلاصة القول إن غياب ثقافة (الوقف)، ولا سيما لدى الأجيال الجديدة من الناشئة والشباب، هو ما يفسر انحسار الأوقاف حالياً، وتراجع إسهاماتها في خدمة المجتمع وتنميته، وإذا كنا نتطلع لإحياء سنة الوقف وانتظار مآل أفضل لها، فلابد من نشر هذه الثقافة الغائبة وتبسيط معارفها لدى الأطفال والشباب وكبار السن، فتنمية المعارف بأهمية الوقف هي الخطوة الأولى لتنمية الأوقاف، ولا تتحقق تنمية أموال الوقف بحال من الأحوال قبل تنمية معارفه، فالإنسان عدو ما يجهل.
أحمد بن منصور الجديعي