ظاهرة مزعجة جداً، وغير مبرَّرة، بل غير مفهومة الأسباب، تتمثَّل في تفشي ثقافة الشتيمة في أدبيات الحركات الإسلامية، والمنضوين تحت لوائها، أو حتى المتأثّرين بها عن بعد.
هذه الشتائم، أو الفحش اللفظي، لا توجه فقط للآخر المختلف في الدين أو الفكر، بل إنها أكثر ما تنشط في حالات الاختلافات الفرعية بين أطراف في التيار نفسه، حتى إن كل فئة تتفنن في تحريف أسماء الرموز في الفئة الأخرى، أو تحريف اسم التوجّه بشكل عام ليكون مجالاً للتندر والإضحاك بين الأتباع، يحدث ذلك والجميع يقرأ النص القرآني الكريم {وَلا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} ويحدث ذلك والجميع يقرأ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم الذي بعث لإتمام مكارم الأخلاق، والذي يروي عنه الصحابي عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما في الحديث الصحيح (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خياركم أحاسنكم أخلاقاً»، ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحّشاً). وطالما اتفقنا على سلامة المنهج، وبراءته مما قد يُنسب له ويشوّهه، من المنطقي أن نتساءل: أين الخلل، وعلامَ يعتمد هؤلاء في لغتهم الشتائمية مع المخالفين لهم حتى في الجزئيات وصغائر التفاصيل، أم أن للتفحّش وسوء الخلق لديهم تعريفاً آخر، يبرر لهم تجاهل كل مفردات اللغة ودلالاتها، والتوجه مباشرة، وابتداءً لما ترفضه القيم، وتمجّه النفوس، من بذيء الكلام وساقطه.. نتساءل بدهشة ومرارة: من أين يستقي هؤلاء المتحدثون لغتهم وشتائمهم؟