من الطبيعي أن يكون الصراع التنظيمي أحد المظاهر البيئية لأي منشأة فهو حقيقة حتمية لابد منها، والصراع قد تكون نتائجه إيجابية أو سلبية حسب الدوافع والغايات فيكون إيجابياً إذا كان يتجه نحو تغليب المصلحة العامة على المصلحة الشخصية من خلال تطوير التنظيم والإجراءات لتحسين الخدمات المقدمة للمستفيدين، ويكون سلبياً في حال العكس، عندما يوجه لتحقيق غايات وأهداف شخصية تؤثر سلباً على قوة وتماسك مجموعة العمل وتفاعلها وتحقيق أهدافها وبالتالي تدني مستوى الخدمات المقدمة للمستفيدين.. السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هنا هو كيف نستطيع إدارة الصراع..؟.
لإدارة الصراع بشكل صحيح يجب علينا أولاًًًً أن نقوم بتحليل الصراع والتعرف على أطرافه ودوافعه وغاياته والنتائج المترتبة من هذا الصراع وبناءً على دراسة جميع هذه الجوانب يتم اختيار الأسلوب الأمثل لإدارة الصراع وسنذكر هنا أكثر أساليب إدارة الصراع شيوعاً:
- أسلوب الحزم واستخدام قوة النظام لإجبار الطرف الآخر على الالتزام.. ويستخدم هذا الأسلوب غالباً عندما يكون الصراع سلبي واستمراره يؤثر سلباً على مستوى أداء المنشأة أو أحد نشاطاتها.
- أسلوب التمييع بالتأجيل والتجاهل.. ويستخدم هذا الأسلوب غالباً عندما يكون الصراع سلبي ولا يؤثر على مستوى أداء المنشأة أو أحد نشاطاتها.
- أسلوب التكيف بالتنازل لمطالب الطرف الآخر.. ويستخدم غالباً عندما يكون الصراع إيجابياً ونتائج تطبيق مطالب الطرف الآخر تؤثر إيجاباً على مستوى أداء المنشأة أو أحد نشاطاتها.
- أسلوب التوفيق ويكون بالتنازل لبعض مطالب الطرف الآخر مقابل تنازله عن بعض مطالبه.. ويستخدم هذا الأسلوب غالباً عندما يكون الصراع إيجابياً وتكون بعض مطالب الطرف الآخر تؤثر إيجاباً على مستوى أداء المنشأة أو أحد نشاطاتها.
- أسلوب التعاون ويكون بالتوافق بين مطالب كل طرف والخروج بحلول مشتركة.. ويستخدم هذا الأسلوب غالباً عندما يكون الصراع إيجابياً، وتكون أهداف الطرفين مشتركة، ويتم الخروج بحلول مشتركة تؤثر إيجاباً على مستوى أداء المنشأة أو أحد نشاطاتها.
الجدير بالذكر هنا بأن اختيار الأسلوب الأنسب لإدارة الصراع يعتمد على الشخصية القيادية والقدرة على التعامل مع أطراف الصراع بحكمة وحزم من قبل المسؤول بالمنشأة إضافة إلى تحليل الصراع وشخصية الطرف الآخر.
وكانت مشاهدتي لواقع إحدى منشآتنا الصحية التي تعاني كثيراً من تكرار الصراع التنظيمي داخلها حافزاً ودافعاً رئيساً لكتابة هذه المقالة، رغم التغير في الإدارات المشرفة، إلا أن الطرف الآخر للصراع ثابت وبنفس الدوافع والأسلوب، حيث يقوم وفي كل مره أحد منسوبي هذه المنشأة بقيادة الصراع بالتضامن مع أطراف داخلية ضد إدارة المنشأة وفي كل مرة يتم استخدام نفس الأسلوب وهو تسريب المعلومات والمستندات السرية من داخل المنشأة إلى خارجها عن طريق الإعلام، وهذا بحد ذاته يعتبر تجاوزاً إدارياً وقانونياً يجب المحاسبة عليه فجميع العاملين في المنشأة ملزمون بحفظ أسرارها ومعلوماتها حتى في حال مغادرتهم لها نهائياً وهذا من الثوابت في أخلاقيات المهنة وهو أيضاً من حقوق المنشأة التي يحفظها لها النظام، ومع ذلك فإن المشهد يتكرر بتشويه سمعة هذه المنشأة التي أعتقد يقيناً بتميزها وسعيها المستمر للتحسين، ولكن ومع كل أسف لم نر موقفاً حازماً من المسؤولين بوزارة الصحة لحماية حق هذه المنشأة وما يتكرر من الوزارة دائماً الإجراء ذاته بتشكيل لجنة لتحقيق والتحقق من ما يَرد في وسائل الإعلام، لمحاسبة الإدارة على ذلك وإشغالها عن مهامها الرئيسية وتعطيلها عن العمل بمتابعة الردود بالإعلام والمساءلة من لجان التحقيق دون التطرق للمتسبب في هذا التشويه لسمعة المنشأة.
من الطبيعي وجود مشاكل وأخطاء في أي منشأة تعمل، ولذلك وجد المتخصصون في الإدارة لمعالجة المشاكل حسب الأولويات؛ وما يساهم في حل المشكلات وتحسين الأداء هو أن يعمل المتخصصون بهدوء ولا أقصد هنا ببطء فالفرق بينهما كبير.
وهنا يجب أن ننوه بأن الحل موجود لدى المسؤولين بوزارة الصحة، وهو استخدام أسلوب الحزم وقوة النظام لمثل هذه الحالات، فالأشخاص ذاهبون والمنشأة هي من ستبقى ويجب حفظ حق المنشأة قبل حق الإدارة أو حق الطرف الآخر في الصراع فهذا التشويه المستمر لسمعة المنشأة أمر يجب أن لا يتم التعامل معه بصمت.
* إخصائي تنظيم وتطوير إداري
البريد الإلكتروني: rrgo14@hotmail.com