الحديث عن المزاح ذو شجون من جهه ما قيل فيه, وما يحسن منه وما لا يحسن. والحديث ههنا عن مسألة في المزاح, وأحوال الناس فيه.
فمن الناس من لا يبادر أحداً في المزاح, ولا يرغب أن يمازحه أحد, وهذا كفاف لا له ولا عليه, وإن كان قد أعان نفسه من جهه التضييق عليها. ومنهم من يمزح مع غيره, ويتحمل كل ما جاءه من المزاح. ومنهم - وهو المقصود ههنا- من يبادر إلى المزاح ولا يبالي أن يسرف فيه, وُيسِفَّ, ويجرح. وإذا عوتب قال: إنما أنا أمزح, على حد قول الأول:
لي صاحب ليس يخلو
لسانه عن جراح
يجيد تمزيق عرضي
على سبيل المزاح
والمصيبة أنه إذا مُزح معه, أو رُدَّ إليه بعضُ مزاحه غضب أشد الغضب, وعد ذلك إهانةً له. وهذا الضرب من الناس هم حُمىَّ الرَّبَع, ومُكَدّرو المجالس, وعذاب النفوس.
* جامعة القصيم