لقد كان لقرار أمير منطقة الرياض السماح للشباب بدخول المراكز التجارية أصداء واسعة في شبكات التواصل الاجتماعي، وأجهزة الجوال، وفي المجالس الشعبية ما بين مستبشرة خيراً بهذا القرار الذي انتظرته كثيراً من الأسر التي تشكو من نبذ وطرد مراهقيها من المراكز التجارية بأساليب تسيء لمكانتهم كمواطنين لهم حق الدخول لأي مرفق عام، وبخاصة التجارية للتسوّق الخاص بهم! وما بين متخوّفة ومتحفظة من النتائج المستقبلية له! لكن من الجانب التربوي فإن القرار له أبعاد نفسية إيجابية على الشباب والمراهقين أيضاً والذين يعانون أشد المرارة من مطاردتهم حول المراكز التجارية، ونعتهم بأبشع الكلمات، واتهامهم بتصرفات غير سوية مما يدفعهم للسلوكيات العدوانية والانتقامية ضد المتسوّقين وضد الممتلكات العامة للأسف الشديد! إلى جانب أن هذا القرار سيكون له دور كبير في احتواء ومعالجة كثير من المشكلات السلوكية والأمنية التي تعتبر ردة فعل طبيعية منهم لإحساسهم بالرفض الاجتماعي! أما الانطباع الآخر الذي ما زال يرفض الفكرة من أساسها ويشكك في نتائجها خوفاً من سلوكيات الشباب داخل المراكز التجارية، واحتمالية تعرض الفتيات والعوائل للمعاكسات، وحتى الباعة للمضايقات من دخولهم كمجموعات، إلى غيره من التوقعات السلبية التي لا أجدها أقوى أثراً مما يحدث خارج المراكز سابقاً! وهذا بلا شك يعتبر من أقوى أنواع المقاومة للتغيير لأي قرار جديد غير مألوف اجتماعياً، لكنه مقبول دينياً وأمنياً لعدم وجود منهى شرعي له! والذي يعزّز مقاومة التغيير الإيجابي لدينا وجود صور من مظاهر الانغلاق التي ما زالت لدى البعض من المجتمع السعودي سواء على نفسه أو على أسرته، لكنه يعيش كثيراً من المتناقضات اليومية التي تهضم حقوق البعض دوناً عن الآخر! وهذا ما نشاهده يومياً في المراكز التجارية، حيث تسمح كثير من الأسر بخروج فتياتها الصغيرات المراهقات بأكمل زينتهن بما لا يناسب المكان والزمان بدون متابعة ولا رقابة على تصرفاتهن الطائشة أمام العامة، لكنهم في الوقت نفسه لا يتقبلون دخول أبنائهم الذكور لتلك المراكز من دونهم ويفسرون رغبة أبنائهم بالتسوّق بتفسيرات غير مقبولة لا دينياً ولا اجتماعياً! فإقصاء المراهقين كما ذكرت في مقالة سابقة لي سينتهي للأبد بإذن الله، وسينتهي زمن التفرقة بين الجنسين من الشباب والفتيات في ممارسة حقوقهم العامة بدون إخلال بالنظام العام الذي لو حدث يستوب إيقاع العقوبة المناسبة لكلا الطرفين وليس للذكور دوناً عن الإناث! لأنه من حقهم الاستمتاع بالخدمات العامة والمرافق التي لم تنشئها الدولة إلا تلبية لحاجات المواطنين كافة، ومن واجبنا كآباء وأمهات ومسؤولين ومتابعين ومربين أن نزرع بداخلهم الثقة والتقدير الاجتماعي والاحترام، مما يعزِّز بداخلهم حجم المسؤولية تجاه ما حولهم من بشر وممتلكات، ويساهم في التقليل من إحساس النقص لديهم مقارنة بوضع الشباب في الدول المجاورة!
moudy_z@hotmail.com