في الأسبوع الماضي كان آرت دبي مثل شمعة مضيئة تتراقص خيوط أشعتها على جنبات لوحة تشكيلية تتوق إلى بصيص من النور، بليالٍ تكتنفها عتمة الظلام. كانت كل ما في آرت دبي يتباهى بالفكر والإبداع، وتتفلسف تنوع تقنياته، يقول كل عمل فني يعرض في المعرض، ها أنا هنا يحتفي بي المكان لكي أحفظ تاريخه بين دهاليز السنين؛
لأحكي للأجيال القادمة حكاية نبراس المدن التي احتفت بي في وقت تناساني جيرانها..! هي دبي دانة الدنيا التي أصبحت حاضنة للفنون بقناعة تترسخ في يقينها المتجدد والمتطور، والفنون بالنسبة إليها انعكاس للقيم والأخلاق، ينهض على أسسها المجتمع، ويرتقي الفرد بثقافته وذائقته؛ نراه جليًا على أفراد الأسرة الإماراتية. فالهدف المنشود لدانة الدنيا هي كيف تكون مدينة وشعبًا من أجمل وأرقى شعوب العالم، حيث إن الاهتمام بالفنون هو استثمار في عقلية الإنسان المنفتح على الآخر ليبادله الثقافات.
السؤال الذي طالما أرَّق الكثير منذ سنين: لماذا لا يوجد لدينا آرت جدة أو آرت الرياض..؟! ما الذي يجعل أولئك أفضل حالاً منا، ونحن نمتلك جُلَّ الإمكانات التي تساعدنا على التميز والمنافسة والرقي بفنانينا ومجتمعنا.
المستقبل يا سادة ..! لا بد أن نعيد حساباتنا في كثير من الأشياء، ومن ضمنها دعم الفنون، سواء كانت بصرية أو غيرها, فالمستقبل مرتبط بالتخطيط والبناء وتجديد كثير من النظم التقليدية أو إصلاحها بشكل يتوافق مع المرحلة.
ووجود مثل آرت دبي في السعودية يلهمنا فسحة الأمل، ويعتقنا من كآبة الحاضر الذي يكتنفه الانغلاق على الذات.
لا بد لوزارة الثقافة أن تعي هذه المرحلة، وأن تستوعب شبابها بتغيير البيروقراطية والروتين، فإن لم يكن هناك تخطيط وبناء للمستقبل فلا قيمة للماضي ولا الحاضر، وسوف نبقى مكاننا مراوحين, توقف لا يلبي طموح التشكيليين الشباب الذين ظهر على منتجهم الفني والفكري استباق الزمان وتجاوزوا المكان، وعدم الإذعان إلى واقع مُتكررّ، سئموا مشاهدته كل صباح، فذهبوا للبحث عن الذات في زمان متجدد، ومكان ملون بألوان قوس قزح، ليصبح يتنفس بالتفاؤل، وبعضهم الآخر كسر فرشاته وأحرق لوحاته واعتزل الفن قبل ولادته..
السؤال هنا.. هل بنت وزارة الثقافة بينها وبين المبدعين جدارا.! حتى لا ترى ولا تسمع أصوات التشكيليين المطالبين بحقوقهم..؟!
jalal1973@hotmail.com