كتب - محمد المنيف:

لكم أن تتخيلوا اللحظة التي عشتها في مطار الملك خالد وأنا أشاهد كيف يقضى على لوحات تشكيلية جدارية لفنانين سعوديين نسجت على سجاد فاخر وبأحجام كبيرة تتجاوز كل منها العشرة أمتار طولاً والمترين عرضاً، كلفت قيمة مادية كبيرة، مع ما تحمله من قيمة أهم كعمل إبداعي، علقت على إحدى الواجهات الداخلية في صالة المغادرة الدولية، تتعرض حاليا إلى تشويه قد يفقدها نضارتها ويتلف خامتها بما وضع عليها من قضبان الحديد (السقالات) التي يقف عليها العمال لتنفيذ المشروع وبطريقة لن تسلم اللوحات من تأثير مباشر من تلك (السقالات) مع ما يتبع ذلك من سقوط الغبرة والأتربة ومخلفات التنفيذ الأخرى التي لا يمكن تفاديها في مثل هذه الظروف، والعجيب أنه أشير في لافتة إعلان يحمل اسم المؤسسة المنفذة (نحتفظ باسمها) عبارة (نأسف على الإزعاج)، لا أعلم ممن يعتذرون وعن ماذا وهم يتلفون إرثاً ثقافياً، وأحد عناوين الإبداع في بلادنا.

ولكم أن تتخيلوا ما دار في مخيلتي وأنا أرى الفارق بين موقفين، الأول، هذا المشهد المؤلم الدال على الجهل بقيمة هذه الأعمال الفنية، وبين ما أنا مسافر إليه في دبي لتغطية أكبر محفل عالمي للفنون يجمع ما يزيد عن السبعين قاعة عرض من مختلف دول العالم تعرض أعمالا فنية لا تقل عن التي يتم إتلافها في المطار.

لنطرح السؤال.. لماذا تؤد الإبداعات هنا.. وهناك تقدر ويقام لها المعارض، ويتوافد لها الجمهور من كل مكان في العالم، سؤال أقدمه للمسؤولين في المطار عبر الجزيرة التشكيلية التي تابعت ولادة هذا المشروع المتمثل في تجميل مطاراتنا بالأعمال التشكيلية بتوجيه واهتمام من الراحل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز يرحمه الله الذي وجه أن يكون تجميل مطاراتنا بإبداعات التشكيليين أبناء الوطن.

لماذا لم يضعوا هذه اللوحات في الاعتبار ويتم تغليفها أو نقلها إلى موقع آمن إلى أن يتم تنفيذ المشروع؟ إنها قضية أزلية لا يمكن إيقافها إلا بحفظ حقوق هذا الفن كما هي حقوق التأليف وخلافها وبعقوبات رادعة، مطلب بحّت حناجر التشكيليين وهم يطالبون به من وزارة الثقافة والإعلام..