حينما كشف الأمير خالد الفيصل ما يحدث من تعدٍ على الأراضي، عند إطلاق ورشة عمل التعدي على الأراضي، قال كلاماً مهماً، يكشف أن ما يحدث من فوضى وتعد على الأراضي، طال حتى غير السعوديين، ومن خارج المملكة، وطال حتى المواقع الأثرية التي يجب أن تحافظ عليها الحكومة، وطال حتى الأراضي المخصصة لإنشاء المستشفيات والمدارس والمساجد، فكيف بحال الحدائق والمسطحات الخضراء التي حلمنا بها طويلاً؟

الوضع حسب تشخيص الفيصل ملفتاً لمن لا يعرف الأمر، وعابراً لمن عرف وخبر الأمر جيداً، وعاصره مراراً، ممن تحولت قطع أراض أمام منزله من مجمع مدارس لكل المراحل الدراسية، إلى مخطط سكني، تعودنا أننا نشتري قطعة أرض لنسكن فيها أمام مجمع مدارس، أو بجوار مسجد، وحين نستيقظ نجد أن القطعة الكبيرة، ذات العشرة آلاف متر تحولت إلى وحدات سكنية تملكها إحدى أكبر الشركات العقارية، وتعرض للبيع.

قد لا يهتم مواطن فقير ومريض بأن يتحول معلم أثري مهم، إلى استراحة سكنية أو حتى منزل، بقدر ما يتألم أن (يطير) حلم بناء مستوصف في الحي، ويتحول إلى عمارة سكنية تدر مئات الآلاف من الريالات على صاحبها، فلا شيء يعادل النجاة من المرض والموت، حتى لو كان معلماً أثرياً مهماً يجب أن نحافظ عليه بأسناننا.

علينا أن نتكاتف نحن جميعاً، الأمير والوزير والفقير، المسؤول والمواطن، كل من يمتلك ذرة شرف وأمانة، بأن نحافظ على وطننا، من المعتدي عليه من الداخل قبل الخارج، فأن تكون الأرض المملوكة كمرفق حكومي من حق الجميع مسلوبة ونحن ننظر بلا مبالاة تجاه ما يحدث، يعني أننا لسنا بخير، وأننا لا نستحق المواطنة، طالما أننا نعرف ونصمت، فكم كان كلام الأمير الفيصل كلاماً جميلاً، كلاماً صريحاً وواضحاً وشفافاً، لكننا ننتظر من سموه ومن جميع المسؤولين تفعيل تعليمات وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين، الذي أخذ قرارات إصلاحية كثيرة بما في ذلك معاقبة كل من اعتدى على الأراضي كائناً من كان، لأن التساهل مع أحد يفتح الباب على مصراعيه، وفي ذلك إضرار على مستوى الوطن بأكمله.

أكاد أجزم أن حصر الأراضي الحكومية، وإفراغها فوراً باسم الجهات التابعة لها، سواء وزارة الصحة أو التربية والتعليم أو الشؤون الإسلامية، ومراقبة جميع هذه الجهات بواسطة الربط الإلكتروني بجهات عليا، كديوان المراقبة وهيئة مكافحة الفساد، كي لا تتسرب من جديد، قد يوقف هذه الفوضى التي خسرنا بسببها معظم المرافق الحكومية المنتظرة.