طالعتنا صحيفة الجزيرة الغراء العدد 14385 الخميس 24-3-1433هـ بخبر تحويل العمالة الوافدة مبلغ (140) مليار ريال. وحقيقة فإن الخبر يلفت النظر؛ كيف لا وهو استنزاف لهذه المبالغ المالية الخيالية التي تكون ميزانية دولة في هذا العالم، أجزم كما يشاركني غيري من أبناء الوطن وكل مخلص بأن التستر هذا الداء الخطير والذي ينخر في جسم الوطن هذه عواقبه وهذه نتائجه. أغلب العمالة الوافدة التي استقدمت للوطن تعمل في غير ما استقدمت من أجله؛ تجده استقدم بمهنة عامل وإذا به يصبح بائعاً في المحلات التجارية أو في سوق الماشية أو سائقاً خاصاً أو عاماً أو سوى ذلك من المهن الأخرى التي لا تتناسب مع المهنة الموجودة في بطاقة إقامته، والسبب الرئيسي هو تهاون المواطن الذي استقدمه ورغبته في الكسب المادي الضئيل الذي يضعه في يده كل شهر أو تحت غطاء الرحمة والشفقة والمساعدة التي في غير محلها، إضافة إلى ضعف الرقابة من قِبل الجهات الرقابية تحت أي مسوغ. إن التستر هذا الداء الخطير الذي ينهش في جسم الوطن له عواقب وخيمة ونتائج سيئة على مستقبل الوطن والمواطن، وها نحن نلمس ذلك ونشاهده في عالمنا اليوم، حيث إن العاملة التي استقدمت وعملت في غير مهنها التي في بطاقة استقدامها زاحمت أبناء الوطن فأصبحوا عاطلين وصرنا نشتكي من العطالة في كثير من المهن التي يمكن أن يقوم بها أبناء وبنات الوطن. إن تهاون المواطن وترك الحبل على الغارب لهذه العمالة الوافدة أن تعمل في غير مجال استقدامها لهو السبب الرئيسي في شغل وظائف ومهن يمكن أن يقوم بها المواطن وهو أحق بذلك وأجدر ولكن يجب إعطاؤه الفرصة وإتاحة المجال وذلك بإعطائه مساحة مناسبة في نطاق الوطن الكبير والعمل على كبح جماح التستر الذي نخر في جسم الوطن واستغلته هذه العمالة الوافدة التي ترضى بالقليل ويجب أن تعمل في المهن التي استقدمت من أجلها.

إنه شيء مؤسف ومقلق أن نقرأ عن هذه المبالغ الطائلة التي يفقدها الوطن وهو أحق بها وإذا بها تستنزف لغير صالح الوطن فتذهب لحسابات الآخرين بدون حق. ناهيك عمّا يجلبه التستر من أضرار متعدّدة ومتنوّعة في شتى المجالات فتكون عواقب وخيمة لأن هذه العمالة التي تجد فرصة لمخالفة التعليمات والأنظمة السائدة في البلاد والتي يبارك المواطن «الكفيل» الإخلال بها من جراء التستر لن تتردد هذه العمالة في تصيّد الفرص والحصول على المال بأي وجهة كانت لأن المواطن «الكفيل» أعطاها الضوء الأخضر لعدم الالتزام بالتعليمات الخاصة باستقدامها، وها هي وسائل الإعلام بأنواعها تنشر تلك المخالفات وما ينتج عن تسيب تلك العمالة والتستر عليها بحيث تعمل ما تشاء ومن ذلك مزاحمة المواطن في أعمال ومهن يجب أن تكون له فقط.

إذاً لا بد من مراجعة الأمور والصدق مع الوطن وتحقيق المواطنة الصادقة وتغليبها على المصالح الشخصية والعزم على محاسبة النفس، وقتل هذه الآفة التي نخرت في جسم الوطن وأضرت بالمواطن ألا وهي آفة التستر.

يجب علينا جميعاً أفراداً أو شركات أن نعيد حساباتنا بكل إخلاص وننظر إلى مستقبل أجيالنا القادمة ونحافظ على منجزات وطننا، وعلينا إنكار الذات، فالمصلحة العامة أولى بالاهتمام. فالتستر يعتبر كذلك مخالفة شرعية لأن ديننا الحنيف أكّد على الوفاء بالعقود والمواثيق وتنفيذها بكل دقة وحذّر من الخيانة وحرّم أي كسب مادي يترتب على ذلك فهلاّ أدركنا ذلك ووعينا ذلك وعدنا إلى الواقع فحفظنا حقوق وطننا وأبنائه. إن نظرة فاحصة على كل ما يتعلّق بالستر لتؤكد أنه جريمة في حق الوطن ومقدساته وإنجازاته وخيراته وهو خيانة في رأي الدين والله سبحانه حرّم الخيانة فقال جلّ وعلا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}.

دعوة صادقة أخي المواطن أن تقلع عن هذا الذنب فوراً وتعقد العزم على ألا تعود إليه وتب إلى ربك من هذا الذنب توبة صادقة، وإذا استقدمت عمالة وفق نظام الاستقدام فلا تتجاوز التعليمات الخاصة بذلك وليكن استقدامك لتلك العمالة وفق الغرض الذي استقدمتها من أجله، مهما كانت المبررات والمغريات وأعطهم حقوقهم كاملة واستوف حقك منهم وفق نظام الاستقدام المبرم بينك وبينهم. بذلك تكون مواطناً صالحاً بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، وناصح سواك ممن يكون في وضعك، وتذكّر دائماً أن الله يحب من عباده المتقين والمقسطين.

محمد بن سكيت النويصر - محافظة الرس