أشارت جريدة «الشرق الأوسط» إلى أن «3 آلاف منشأة صحية خاصة مهددة بالتوقف بسبب ندرة الكوادر الصحية بعد صدور قرار وقف خطابات التأييد لاستقدام الكوادر الفنية من حملة الدبلومات الصحية للعمل في القطاع الخاص».
أعتقد أن القطاع الصحي الخاص يعاني من تخمة الاستقدام في مقابل تجاهل الكوادر الوطنية التي تعاني من البطالة في أحد أكبر الأسواق الصحية في المنطقة.
من الملام في هذه الحالة؟
القطاع الصحي الذي يُصر على جلب مزيد من الكوادر الأجنبية مع توفر البديل المحلي، لأسباب مرتبطة بتدني مستوى الأجور، والتسويق في القطاع الصحي الذي يعتمد في بعض جوانبه على أمور لا علاقة لها بالتخصص! أم الجهات الرسمية التي حملت هموم العاطلين من حملة الدبلومات الصحية، والتخصصات الطبية الأخرى، واجتهدت في معالجة مشكلة البطالة بشكل عام، وبطالة الكوادر الصحية بشكل خاص.
ما زالت مشكلة حملة الدبلومات الصحية قائمة حتى الآن، فقلة الفرص الوظيفية في القطاع الحكومي، قابلها تعنت في التوظيف من قبل القطاع الخاص، وفي الحالتين نجد الخطأ الفادح الذي تتحمله الجهات الرسمية قبل القطاع الخاص الباحث عن تعظيم الربح، وتحقيق المزايا التنافسية. أعتقد أن إدارة القطاع الصحي لم تصل بعد حد الكفاءة المقبولة، في الوقت الذي تعجز فيه الجهات المسؤولة عن وضع خطة إستراتيجية واضحة لزيادة عدد الأطباء، والممرضين، والفنيين من الجنسين، وضمان توظيفهم لسد الفجوة في السوق السعودية.
يواجه القطاع الصحي مشكلتين رئيسيتين في التوظيف؛ الأولى نُدرة الكفاءات الطبية السعودية، وتسرب بعضها إلى دول الخليج بحثًا عن المزايا المالية، والثانية تَمَنُّع القطاع الخاص من استيعاب مزيد من الكوادر السعودية لأسباب مالية صرفة.
المشكلة الأولى يمكن حلها بزيادة حجم القبول في كليات الطب والصيدلة والمعاهد الصحية المُعترف بها، وتخصيص النسبة الأكبر من الابتعاث الخارجي لدراسة الطب، وربط الابتعاث بحاجة سوق العمل، وفق خطط إستراتيجية محكمة؛ أما مشكلة التسرب فيمكن القضاء عليها بزيادة مزايا الكادر الطبي بما يضمن بقائه في المملكة.
المشكلة الثانية يمكن التغلب عليها بالأنظمة الصارمة التي تحمي حقوق المواطنين في الحصول على وظيفة كريمة متوافقة مع التخصص والطموح.
أجزم أن العيادات الطبية، والمستوصفات والمستشفيات السعودية قادرة على استيعاب حملة الدبلومات الصحية بسهولة، وخلق مزيد من الوظائف في جميع التخصصات.
بطالة السعوديين، من الجنسين، في أحد أكبر أسواق العمل في المنطقة أمرٌ لا يمكن القبول به، أو التعايش معه، وخصوصًا أن نسبة كبيرة من حملة الدبلومات الصحية والفنيين والأطباء الأجانب يدخلون السوق السعودية بهدف التدريب ومن ثم العودة إلى ديارهم، أو السفر إلى الدول الغربية لمواصلة حياتهم العملية! مع الأخذ في الاعتبار حملة الشهادات المزوَّرة الذين يشكل وجودهم في السوق خطرًا يهدد حياة المواطنين، ومستقبل الصناعة الصحية.
أبناء الوطن أحق بالوظائف الصحية من الآخرين، وأجزم أن استيعاب خريجي وخريجات المعاهد الصحية، وخلق مزيد من الوظائف للسعوديين لن يشكل خطرًا على المنشآت الصحية بقدر ما سيحقق لها قدرة تنافسية واستقرار في العمل، وقيمة مضافة للوطن.
أكثر من 8 آلاف خريج وخريجة يجب أن يجدوا فرصتهم في القطاع الخاص، وبمزايا مالية تنافسية تتوافق مع حجم الأرباح المهولة التي يحققها القطاع الصحي؛ وهذا لا ينفي مسؤولية القطاع الحكومي عن مواصلة عملية الإحلال للقضاء على البطالة.
المواطن السعودي الكفؤ أحق بشغل الوظائف المتاحة من سواه، وأحسب أن السوق السعودية قادرة على استيعاب جميع السعوديين والسعوديات بسهولة، دون إحداث ضرر بالوافدين، أو خلل في ربحية القطاع، فنسبة الكوادر الصحية السعودية ما زالت محدودة مقارنة بالحجم الكلي للسوق، والحاجة المستقبلية.
f.albuainain@hotmail.com