ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Monday 26/03/2012/2012 Issue 14424

 14424 الأثنين 03 جمادى الأول 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

منوعـات

      

يوم أمس كان اليوم الأول لي في الرياض الذي أستقبل فيه حبات المطر على وجهي من السماء مباشرة. وقتها كنت في البهو الخارجي لبيتي الجديد, بعد ثمان سنوات كنت محجوبة بسقف شقتي الصغيرة عن تبدلات الطقس. التي لم أكن أعلم عنها شيئاً لولا ملاحظة آثارها على عملياتي البيولوجية, كأن أستدل على الغبار حين أجد صعوبة في التنفس أو على انخفاض درجة الحرارة حين لا أطيق المشي على الأرض حافية!. أو أستدل على المطر حين أسمع صوت القطرات على صندوق المكيف الخارجي. وعندما يصدف أن أخرج في الظهيرة تغبش الرؤية لديّ تماماً مثل كائن الخُلد الذي يعيش جُلّ حياته تحت الأرض وحين يخرج من جحره تعميه الشمس!.

نمط المعيشة في المنطقة فرض على أغلب السكان أن يعيشوا مثل كائنات «خُلد». سواء كان البناء شقة أو فيلا..

غالبية البيوت مصمتة, بجدران عالية, النوافذ بمقاسات أصغر من أي نافذة في أي بيت من بيوت بلدان العالم. ولا أنسى «شُباك الحرامي» الذي يعتبر أحد أهم الحلول الأمنية والتي تمنع اللصوص من الدخول وتمنع الأطفال من السقوط من الأدوار العلوية, وتؤخر الدفاع المدني من إنقاذ العوائل المحاصرة في الشقق حين اندلاع حريق لا سمح الله!. والشكل الهندسي هذا أحد الحلول الأمنية لمكافحة عمليات السطو والسرقات. مع أننا من أكثر الدول التي أنعم الله عليها بنعمة الأمان, فنسبة سرقات البيوت لدينا متدنية مقارنة بالآخرين؛ ما عدا بعض الأحياء المعروفة باسمها. وبالرغم من أن هناك مقترحات أمنية أخرى أكثر ذكاء من تضييق النوافذ وإعلاء الجدران, كالأنظمة التقنية للحماية الأمنية، أو استقدام حارس للبيت.. وحرّك خيالك بدلاً من أن تحرم أبناءك من أنعُم الطبيعة!

هذا بالإضافة إلى «السواتر», وهي تقليد سعودي شديد الخصوصية، غرضه المحافظة على الستر بالرغم من أنه بإمكان السيدات أن يرتدين الحجاب حين خروجهن للبهو أو للبلكونات مثلما يلتزمن به خارج المنزل ويستفدن من أشعة الشمس.. خصوصاً أن الطب نفى التهمة الموجهة للحجاب أنه يسبب نقصاً في فيتامين دال. الذي يعاني منه 90 بالمائة من الخليجيين, بسبب نمط الحياة الذي يحكم علينا أن نبقى غالباً محجوبين عن أشعة الشمس الغنية بالفائدة.

وبهذا التصميم الفريد فإن الجحور ستكون محكمة وأمينة. وحين نسأم جحورنا ونرغب في التغيير فإننا نخرج منها قاصدين جحوراً أخرى: بيوت الأصدقاء, صالونات التجميل, الحلاقين, الهايبرات, المطاعم, الاستراحات والمجمعات التجارية.

والأخيرة هي أيضاً جُحر ولكنه أكثر اتساعاً وتنوعاً!. وهي مصممة أيضاً لتتناسب مع الذوق العام للمنطقة. الأسقف منخفضة والجدران مصمتة ولا يوجد بهو واحد تطل عليه الشمس أو السماء!

لذا أنا هنا أرحب بإخواني العزاب بمشاركتنا هذا الجحر الكبير, تحت القرار الصادر مؤخراً بأنه سيتم السماح لهم بالدخول للمجمعات.

هل أنتم حقاً سعداء؟ هل تُفضل أخي العازب مزاحمتنا الهروب من جحورنا الصغيرة وتمضية الوقت بالتجول الفارغ؟ والدخول معنا تحت مظلة الاستهلاكية المحمومة.. على أن تجلس على مائدة بمشاركة الأصدقاء في أحد المقاهي المكشوفة للسماء على التحلية, أو تخيّم ليلتين محاطاً بهواء الثمامة النقي!

قرار السماح لكم بدخول المجمعات قد صدر متأخراً جداً, وهو قرار حكيم ومنصف. فبعد أن كان العازب ينتظر أن ترافقه العائلة ليشتري حاجياته, أصبح بإمكانه الآن أن يتسوق في أي وقت. فشكراً كثيراً لأمير منطقة الرياض على هذا القرار المفرح حقيقة, لأولادنا وآبائنا وإخوتنا.

والمشكلة ليس في القرار, المشكلة في أن المجمعات في الرياض ليست مكاناً للتسوق وحسب. إنما تقصدها العوائل للترفيه وتمضية الوقت لأنه لا يوجد خيار أفضل!

وسأخبرك يا أخي ما الذي ينتظرك, في البداية سوف تكتب قائمة محددة لحاجياتك. ثم يتطور الأمر إلى أن عينك ستبدأ بالزوغان على موديلات جديدة وتقليعات لم تجربها من قبل, ثم بعد أن تجرب جميع المحلات.. تبدأ بتجربة جميع المطاعم الموجودة.. فتصبح مثلنا تستهلك كل شيء قابل للاستهلاك. وتشتري ما تحتاج وما لا تحتاج!. ثم بالتدريج يصبح الذهاب للمجمع روتيناً يومياً. وربما يكون ذهابك له أولوية مفضلة على أي برنامج آخر. فهل أنتم سعداء بمشاركتكم لنا سقوفنا, في الوقت الذي كنت أحسدكم على سمائكم!. إذن مبارك عليكم الاستهلاكية ونقص فيتامين دال. وحياكم الله معنا في المولات.. تعالوا معنا نضيع عمرنا وأموالنا إلى أن يمر الوقت وينتهي العمل على بناء أضخم مشروع في الرياض.. وهو حدائق الملك عبدالله حفظه الله.. والحائز على جائزة أفضل تصميم في الشرق الأوسط. والذي سيقوم بتغيير ستايل الترفيه كلياً. ليكون مزيجاً ما بين المتعة والفائدة, كونه يزخر بمميزات لم تتوفر في مشروع قبله. فهو يتيح الفرصة للعائلة للاستفادة من جدوى المتاحف ولكن مضافاً إليها روح المتعة بتوفير حدائق مجهزة لراحة العائلة أو الشباب.

بإمكانك أخي العازب أن تكتب حدائق الملك عبدالله في جوجل حتى تعرف ماذا تفوِّت على نفسك حين تجلس في قاعة المطاعم وعلى جانب الطاولة أكياس مملوءة بالملابس والإكسسوارات, فيما جيبك وبطنك فارغين بانتظار إعادة ملئهما من جديد!..

مرة أخرى.. مرحباً بك تحت السقف!

kowther.ma.arbash@gmail.com
 

إني أرى
مرحبا بالعزاب معنا في عالم اللا شمس
كوثر الأربش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة