وسط صمت من بعض الدول العربية، تصعّد موسكو من (وقاحتها) وتدخلها السافر في الشأن العربي والإقليمي، فبعد اعتراضها على تسلم أهل السنة الحكم في سوريا -في معاندة وممانعة من حصول أغلبية الشعب السوري على حكم نفسِه؛ فأهل السنة يشكلون ثمانين في المائة من تكوين الشعب- استبقت وزارة خارجية روسيا وصول كوفي عنان مبعوث الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى موسكو باشتراط وقف الدعم السياسي للمعارضة السورية، التي تسعى للحصول على سلاح دفاعي لحماية الشعب السوري من عمليات القتل اليومي التي يتعرض لها على يدي قوات الجيش السوري النظامي ومليشيات الشبيحة المرتبطة بالنظام، والمليشيات الطائفية المرسلة من العراق ولبنان، وعناصر الحرس الثوري الإيراني، وأخيراً القوات الروسية المتخصصة التي وصلت ميناء طرطوس برفقة أسلحة نوعية لدعم نظام بشار الأسد.
روسيا بتدخلها الفج والمعادي لرغبة الشعب السوري ودعمها السافر لنظام بشار الأسد الذي يواصل قتل الشعب السوري، تكون قد حرقت آخر أوراقها في المنطقة العربية، ولا بد من أن يدفع الروس ثمن هذا الانحياز السافر للأنظمة القمعية ومحاولة التسلط على رغبات الشعوب العربية، فالروس الذين يشكلون المخزون البشري لدعم الكيان الصهيوني يتخندقون في صفوف أعداء الأمتين العربية والإسلامية، فروسيا تدعم وبلا تحفظ الأطماع الإيرانية للتوسع في الأراضي العربية، وقدمت وما زالت الدعم العلمي والفني واللوجستي لنظام الملالي في طهران؛ فكل المنشآت النووية الإيرانية أنشئت وأقيمت بخبرات وبإشراف بل وحتى بمشاركة روسيا بالإضافة إلى النظام الحليف كوريا الشمالية.
كما أن لروسيا سجلاً أسود في اضطهاد وقمع المسلمين سواء داخل الاتحاد الروسي في القوقاز أو خارجه في الشيشان، المسلمون الذين فرض عليهم البقاء داخل الكيان الروسي رغم رغبتهم بالاستقلال والتحرر وهو ما أظهرته الثورات والانتفاضات التي لا يزال المسلمون في تلك المنطقة يقومون بها للتحرر من تسلط الروس.
الآن الروس يذهبون في تماديهم لمعاداة المسلمين إلى أبعد من ذلك بتنصيب نفسهم وصاة على الشعب السوري المسلم لتحديد من يحكم هذا الشعب من غير أغلبية أبنائه، ثم يأتي الشرط العجيب بوقف الدعم السياسي والعسكري للمعارضة السورية، رغم أن الروس أنفسهم يقدمون دعماً سياسياً لا محدود لنظام بشار الأسد الذي يقتل شعبه مما عطل الإرادة الدولية، ويتمادون في دعمهم العسكري لهذا النظام المجرم في مده بالأسلحة النوعية وإرسال قوات متخصصة للمشاركة في ذبح الشعب السوري.
تمادي الروس في إظهار عدائه للمسلمين والعرب لا بد وأن يواجه برد فعل من أبناء الأمة لا يقتصر على رفض أفعالها وتصريحات كبار قادتها الاستفزازية فحسب، بل يجب أن يتعدى ذلك إلى اتخاذ خطوات ملموسة تعيد الروس لصوابهم.
jaser@al-jazirah.com.sa