|
إرجاء التوصل إلى تسوية للصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين يضر بإسرائيل. فالاعتقاد بأن قادة المنطقة والعالم تخلوا عن القضية ونحوها جانبا وهم خطير.
فالجبهة الجنوبية لإسرائيل اشتعلت فجأة مطلع الأسبوع الماضي. فهناك هجوم على الحدود الإسرائيلية مع مصر تم التخطيط له في قطاع غزة. وإسرائيل هاجمت مسلحين في القطاع وردت الفصائل الفلسطينية بهجمات صاروخية على المدن الإسرائيلية وتشن إسرائيل المزيد من الهجمات الجوية. إذن فالهدوء النسبي الهش انتهى. ورغم أن الدرع المضادة للصواريخ في جنوب إسرائيل المعروفة باسم القبة الفولاذية فعالة بدرجة كبيرة فإنها لا توفر الحماية لأغلب السكان. وبشكل عام فإنه في حالة اشتعال حرب سيتم إعادة نشر بطاريات الصواريخ المضادة للصواريخ لكي تعترض الصواريخ الموجهة إلى القواعد الجوية الإسرائيلية وليس الصواريخ الموجهة إلى المناطق السكنية.
ولا يوجد دليل على أهمية إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أكثر من تصريحات الجنرال جيمس ماتيس قائد القيادة المركزية العسكرية الأمريكية.
ففي حين كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتينياهو يحتفل مع شركائه في اليمين الإسرائيلي بإنجازه الخيالي في واشنطن بجعل قضية القدرات النووية الإسرائيلية على رأس جدول اهتمامات الأمريكيين على حساب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أعاد ماتيس التأكيد على أهمية إنهاء الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
فالجنرال ماتيس ليس سياسيًا يحاول الترويج لنفسه في انتخابات الكونجرس ولا الفوز بترشيح حزب له في انتخابات الرئاسة الأمريكية ولا يهتم بأصوات الناخبين ولا بتبرعات اليهود الأمريكيين. وهو لا يخفي ولعه بالجيش الإسرائيلي أو صداقته لإسرائيل والتي تعود إلى وقت بعيد. أي محاولة لتصويره في صورة المعادي لإسرائيل أو الراضخ للعرب هي محاولة فاشلة وملفقة. وكغيره من أسلافه في رئاسة القيادة المركزية الأمريكية، فإن ماتيس يرفض تجاهل العلاقة القوية بين الصراع العربي الإسرائيلي بما فيه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والعديد من القضايا الأخرى في الشرق الأوسط.
بالتأكيد فإن كل القضايا والمشكلات ليست نتيجة لهذا الصراع بالفعل، وهناك عوامل أخرى مثل الصراع الدامي بين إيران ودول الخليج إلى جانب «الصحوة العربية» كما أطلق ماتيس على الثورات التي تشهدها دول المنطقة. ولكن ماتيس قال إن عدم وجود حل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي بمثابة النيران التي تبقي على حالة الغليان في الشرق الأوسط وبخاصة بعد أن «جعلت الصحوة العربية حكومات الدول العربية أكثر استجابة لمشاعر شعوبها» المعادية لإسرائيل. وهذا يحد من قدرة أمريكا على الترويج لأي تعاون إقليمي في مواجهة المخاطر الإقليمية وفي مقدمتها البرنامج النووي الإيراني.
لذلك نذكر بما قلناه في البداية وهو أن تأجيل تسوية الصراع مع الفلسطينيين يضر بإسرائيل وتصور أن قادة المنطقة والعالم قد تخلوا عن قضية هذا الصراع أو نحوه جانبًا مجرد وهم وستدفع إسرائيل ثمنًا باهظًا للاستيقاظ منه.
- افتتاحية (هاآرتس) الإسرائيلية