أن يذهب كوفي عنان إلى موسكو ليتسول موقفاً روسياً لدعم مهمته في سوريا، فهذا عنوان للارتباك والفوضى التي صنعها التدخل الروسي في الشأن السوري، والذي تعدى التخريب السياسي وتدمير التحرك الدولي لحل الأزمة إلى المشاركة العسكرية المتمثلة في إرسال الأسلحة النوعية والمقاتلين والمدربين لدعم آلة القتل التي يستعملها نظام الأسد لقتل الشعب السوري.
عنان سيلتقي لافروف وزير خارجية روسيا الذي يفكر بعقلية رجل المخابرات وبأسلوب عصابات المافيا، إذ ينكر على 80 بالمائة من الشعب السوري أن يحصل على حقه في حكم بلاده، فحسب توصيفه بأن «حكم السنّة في سوريا يدعم الإرهاب في المنطقة». نفس القول الذي ردده الروس لدعم حكم الصرب ليوغسلافيا وتبرير قتل المسلمين في البوسنة والهرسك، والذي لم يوقفه إلا التدخل العسكري للناتو.
والروس لا يريدون للمسلمين أن يحكموا بلدانهم ويتخلصوا من حكم الأقليات التي تعزز حكمها بالقتل والقمع مثلما يفعل الروس في الشيشان والقوقاز، حيث تخضع الأغلبية المسلمة هناك للأقلية الروسية التي تحكم المسلمين بالنار وبقوة السلاح.
وذهاب عنان إلى موسكو سيكشف وإلى حد بعيد التدخل السافر لروسيا في الشأن الداخلي السوري، وهو ما سيجعل عنان قادراً على تنفيذ الخطوات التي تتبع عادة إصدار «البيان الرئاسي لمجلس الأمن»، فالمعروف أن البيان الرئاسي وهو الثاني في الأهمية في ترتيب إجراءات مجلس الأمن، ويأتي قبل إصدار القرار الملزم من المجلس، فالبيان الرئاسي يوضح للرأي العام العالمي حقيقة ما يحدث ويدرج توصياته وقراراته التي فشل في التوصل إليها بشكل ملزم بسبب العراقيل التي تثيرها الدول ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن، كما تفعل روسيا في الملف السوري، وكون البيان الرئاسي له سبع مهام وهي:
1- أن يكون مكملاً لقرار صادر من المجلس.2- يوظفه المجلس لتنفيذ مشروع قرار يجرى الإعداد له. 3- مراجعة مشروع القرار الذي يجري الإعداد له من خلال خطوات تطبيق توصيات البيان الرئاسي. 4- التأكيد على قرارات وتوصيات سبق اتخاذها. 5- لتذكير الدول بالتزاماتها نحو أحكام القرارات والتوصيات السابقة. 6- توثيق عدم امتثال الدولة المعنية (والمعنية هنا سوريا) بما تضمنه البيان الرئاسي في التوصيات. 7- وضع الشروط اللازمة لإصدار قرار من مجلس الأمن يكون ملزماً هذه المرة.
على ضوء هذه المهام السبع تفهم بنود البيان الرئاسي الست الذي صدر لمعالجة الشأن السوري وتنص على : 1- الالتزام بالعمل مع عنان 2- التزام السلطة والمعارضة بوقف القتال تحت إشراف الأمم المتحدة، 3- وتحقيقاً لهذه الغاية يتعين على النظام السوري وقف حركات القوات المسلحة وسحب الأسلحة وعدم استعمال الأسلحة الثقيلة والبدء في الانسحاب العسكري من خلال آلية تحت إشراف الفريق الأممي برئاسة عنان. 4- بدء الإفراج عن المعتقلين السياسيين والمحتجزين بصورة تعسفية. 5- ضمان حرية التنقل للصحفيين في جميع أنحاء سوريا والسماح لدخولهم أراضيها. 6- احترام حرية التجمع والتظاهر.
وبما أن هذه البنود سبق أن رفضها وعرقل تنفيذها نظام بشار الأسد بمساعدة روسيا وإيران والصين، فإن المتوقع أن تستمر هذه الممانعة وأن تتواصل المساندة الروسية، ولهذا فإن كل المؤشرات تؤكّد بأن تحركات عنان وزياراته إلى سوريا وروسيا والصين ستظهر تنصل هذه الدول بالوفاء بالتزاماتها مما يدفع الدول الأخرى إلى البناء على هذه العراقيل مثلما حدث في صربيا، وقبل ذلك في العراق لإصدار قرار ملزم يستعمل القوة العسكرية وفق الفصل السابق من ميثاق الأمم المتحدة لمعالجة الأزمة السورية.
jaser@al-jazirah.com.sa