عدت من برلين بعد أن سنحت لي فرصة ثمينة لزيارة معرض «روائع آثار المملكة عبر العصور» الذي يستضيفه متحف البرغامون في مدينة برلين بألمانيا، وقد حظيت بجولة على يد أحد قيمي المعرض ومدير القسم الإسلامي في المتحف حيث يقام المعرض.
والمعرض الذي يزداد تألقا في كل محطة، بدأ باقتراح من الرئيس الفرنسي السابق «جاك شيراك» أثناء افتتاح معرض «الفنون الإسلامية من مقتنيات متحف اللوفر» في المتحف الوطني بالرياض، تبنته الهيئة العامة للسياحة والآثار بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين، فبدأ في باريس، ثم برشلونة، ثم بتسبيرغ، وهو الآن في برلين، ثم سينتقل إلى القارة الأمريكية بنهاية هذا العام. وبلا شك المعرض يجسد نموذجا مشرفا لتاريخنا الحضاري، ومدى اهتمامنا به ووعينا بأهميته، على خلاف ما يشاع عن المسلمين بكراهيتهم للفنون.
أعود لتلك الزيارة لمعرض برلين والتي لم تكن تجربة مثالية بكل تأكيد، وإنما اجتهادات ضخمة يُشكر عليها الطرفين، إلا أنني شخصيا خرجت بعدد من التساؤلات والأمنيات كما يلي:
1. لماذا توقف العرض لروائع الآثار والكنوز الفنية في فترة تأسيس الممكلة، ولم تشمل الفنون الحديثة والمعاصرة، علما بأن معرض الحج على سبيل المثال في لندن كان قد عرض نماذج من تلك الفنون، صحيح أنها ليست آثارا بعد، ولكنها نموذج مشرف للكنوز الفنية ربما كان إضافة مناسبة لمعارض القارة الأمريكية لاحقا.
2. لماذا وضع المعرض في قسم الفنون الإسلامية في المتحف؟ علما بأن القطع المعروضة التي عثر عليها في السعودية كصناعة محلية غير مستوردة أغلبها تعود لفترة ما قبل الإسلام، وهذا التحديد في قسم الفنون الإسلامية في المتحف ربما أوحى للبعض أن المعروضات جميعا تمثل فنونا إسلامية فحسب، ويخسرون بذلك فرصة التعرف على هذا القدر الهائل من الفنون التي اكتشفت حديثا في الجزيرة العربية، والتي ستغير مسار كتابة تاريخ الفنون القديمة بكل تأكيد فيما يخص مهد الحضارات (الجزيرة العربية).
3. لماذا نُحرم نحن في السعودية من مثل هذه المعارض؟ فعلى الرغم من سعادتي شخصيا بمعرض الآثار المستعادة والمقام حاليا في المتحف الوطني، إلا أنه لا يُقارن من حيث الأهمية العلمية والفنية و الآثارية بهذه القطع التي استخرجت من مواقع معروفة ويمكن تأصيلها وتأريخها وربطها بمواقعها جغرافيا وتاريخيا، كما أنها ليست جميعا فنون تطبيقية كما هو الغالب في معروضات المتحف الوطني، وإنما تشمل على العديد من الفنون التي نسميها (جميلة) في الوقت الراهن، من تصوير ونحت متنوع لابد أن نراه ثم ندرسه ثم نُدّرسه في تعليمنا العام، كي نعلم جذورنا الفنية بدلا من أن نتغافل عن هذا الإرث الحضاري المعماري والفني لفترة ما قبل الإسلام كما فعلنا سابقا.
4. أين الهدايا التذكارية؟ فالزائر لأي معرض بهذا المستوى، يخرج منه إما بالمطبوعة (والتي كانت موجودة) أو بهدايا تذكارية متنوعة تمثل نماذج من القطع المعروضة أو قطع أخرى ورقية أو نفعية مثل فواصل الكتب وبطاقات التهنئة أو حتى مغناطيس (الثلاجة) وهو ما أقوم شخصيا بجمعه عند زيارة أي معرض أو دولة لتذكرني لاحقا بتلك الزيارة، والتي لا يزيد سعرها في بعض الأحيان عن 10 ريالات!
أخيرا، سعيدون بهذا المعرض، وننتظر المزيد من المعارض والفنون النشاطات الإبداعية التي تمثل هويتنا بأسلوب نفخر به.
msenan@yahoo.com