لفت نظري ما حظي به جانب خصص للفن التشكيلي جناح إحدى دور النشر من خارج المملكة لتسويق بعض اللوحات التي أحسن اختيارها لتتوافق مع رغبات المقتني العامة وليس النخبة، وأعني نوعية المواضيع التي تشتهر بنقل المناظر الطبيعية وخلافها بالأسلوب الواقعي أو الكلاسيكي، حيث شهد هذا الجزء من الحيز المخصص لتلك الدار في المعرض أو الجزء لهذه اللوحات إقبالا كبيرا، واقتناء يكاد يوازي ما يحظى به كثير من الكتب على اختلاف تخصصاتها.
هذا المشهد جعلني أعيد التفكير في غياب هذه الفكرة عن التشكيليين، وكيف لو قام نخبة منهم بحجز مساحة من المعرض كالمتبع مع دور النشر، أو أن تتولى وكالة الوزارة تشجيع الفن التشكيلي (تسويقا) ومنحها تلك المساحة بالمجان، دعما للفن والفنانين لتسويق اللوحات التشكيلية المستنسخة (بوستر)، كما شاهدناه في تلك الدار أو أن تقوم إحدى الصالات المعروفة أو المؤسسات الخاصة التي أخذت على عاتقها تنظيم المعارض والتكسب منها، بان تستأجر موقعا من المواقع كما تفعل دور النشر لعرض الكتب، لتكون تلك المساحة لبيع إبداعات الفن التشكيلي على شاكلة باستنساخ مجموعة من اللوحات لعدد من الفنانين يكون ريعها للفنان، وبذلك يمكن ان يحقق هذا الفن حضورا مماثلا للكتاب كشريك في ارتقاء بالذائقة الجمالية بجانب الفكر والثقافات الأخرى، لقد قامت وكالة الشئون الثقافية في دورات سابقة لمعرض الكتاب بتنظيم معرض للفنون التشكيلية لم يجد موقعا مناسبا له فأصبح معزولا عن المعرض الرئيسي تبعها خطوة أخرى في دورة ثانية للمعرض، تمثلت في طباعة لوحات مختارة لنخبة من الفنانين تم تعليقها في ممرات المعرض وبعلو لا يلفت النظر في وقت تكون أعين الزوار تتجه إلى ما يقع في مرمى بصرهم (أرفف الكتب)، ثم جاء بعدها وفي دورة ثالثة تكريم عدد من الرواد التشكيليين بوضع أسمائهم في ممرات المعرض وكانت أكثر لفتا للنظر وتقدير لأصحاب تلك الأسماء وكسبا لإعجاب جمهور المعرض. أما في الأعوام الأخيرة فلم يعد للفنون التشكيلية المحلية مكان ولا كتاب في الوقت الذي تتواجد فيه الكتب لمؤلفين عرب في العديد من دور النشر العربية، هذا الغياب أو الجفاف التشكيلي المحلي في معرض الكتاب قابله اهتمام من دول أخرى في تسويق إبداعات فنانيهم.
فهل هو (جهل من التشكيليين بمثل هذه المناسبة) أو عدم اعتراف من المسئولين عن المعرض أن اللوحة جزء من ثقافة المجتمع تحمل فكرا وموضوعا وجمالا لم تستغن عنه أغلفة الكتب التي كان لها حضور لافت على أغلفتها.
لعل التشكيليين والمؤسسات المعنية أو الخاصة تعي هذا الدور والإقبال على اللوحة ولو مستنسخة ويمنحونها فرصة في المعرض القادم.
monif@hotmail.com