|
الجزيرة - هبة اليوسف
فئة جار عليها الزمان الجائر، ولعب بعض أفراد المجتمع دورا محوريا في تعميق مآسيهم بتجاهله لهم، ورغم ذلك قهروا الصعاب، وحققوا لوطنهم ما عجز عنه الأصحاء.. «الجزيرة» عاشت مع لاعبي المنتخب السعودي لذوي الاحتياجات الخاصة لحظات رسمت خلالها مأساتهم في المحاربة من أجل توفير لقمة العيش لأبنائهم والسعي لزيادة كفاءتهم عبر التدريب على حسابهم الخاص رغم المقابل الضعيف الذي يتقاضونه الذي لا يتجاوز 480 ريالا في الموسم الرياضي كاشفة بذلك تجاهل المجتمع لهم وتهميشه لحقوقهم, فلا سكن ولا حوافز ولا مكافآت مجزية رغم الأمجاد التي حققوها ورفعوا بها علم المملكة خفاقا في المحافل الدولية.
الدوسري: التجاهل يقتلنا
في مركز خاوي ومهجور بث لاعب القوى في منتخب ذوي الاحتياجات الخاصة مبارك الدوسري همه وزملائه بما يلاقونه جراء بحثهم عن مراكز مؤهله للتدريب قائلا: هجر اللاعبون مركز الملز المخصص لتدريب ذوي الاحتياجات الخاصة لخلوه من الأجهزة والأدوات ولتصدع جدرانه وامتلائه بالأتربة وكلا منا يتدرب بطريقته الخاصة عبر مراكز خارجية ندفع قيمتها من أموالنا.
ووصف الدوسري الرحلة المرهقة في سبيل إيجاد المركز المناسب والمعقول سعرا مبينا أن معظم المراكز الخاصة غير مهيأة لذوي الاحتياجات فلا منزلقات لدخول الكراسي المتحركة ولا مداخل ومخارج مناسبة لذوي الإعاقات البصرية ولحالات الشلل الدماغي, مشيرا إلى أن البعض منهم يلجأ للأماكن العامة وهي مناطق خطرة وغير مهيأة للتدريب فيها كالأرصفة والشوارع، ويستخدمون الأراضي الترابية للتدريب على الرمي التي تؤثر على صحة اللاعبين حيث تتطاير الأتربة بكثرة أثناء التدريب.
وأوضح الدوسري أن, مركز إعداد القادة الذي تمت تهيئته مؤخراً يستقبل الرياضيين من ذوي الاحتياجات قبل البطولات بأيام قلائل قائلا: نحتاج لخطاب رسمي لنتمكن من دخوله كما أن مدة المعسكرات قليلة جداً حيث نعسكر 4 أيام ثم نطالب بنتائج خارج المملكة في المنافسات وأضاف: لا يوجد تدريب فكيف نستطيع المنافسة.
وواصل الدوسري حديثه قائلا: أثناء مشاركتنا في الإمارات وعند بداية المباراة لم نجد أحد من الوفد القادم معنا الذين تجاوز عددهم عدد اللاعبين حيث كانوا 10 أشخاص مدربين وفريق طبي وإداريين وأشخاص (لأول مرة نشاهدهم) فيما كان عدد اللاعبين 6 فقط ومع ذلك لم يحضر منهم أحد خلال المباراة مما أثار تساؤلات المنظمين مطالبين بوجود المدرب على أقل تقدير ليقف مع اللاعبين ويهيئهم لكن للأسف لم يحضر منهم أحد ولم يجيبوا على اتصالاتنا إلا في اليوم التالي بعد أن انتهت المباراة معللين عدم حضورهم بأنه أخذهم السبات.
وأضاف: لا نجد معاملة جيدة من أعضاء النادي بل يعاملوننا بطريقة سيئة جداً ويرفعون أصواتهم ويصرخون بوجه اللاعبين وتصل أحياناً لضرب العاجزين الذين لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم إلى جانب عبارات الاستهزاء والسخرية بمن لا يطيع أوامرهم, أما المدربون فيأخذون إعاقة اللاعب نكتة يُضحك عليها زملائه كتقليده لمشية الأعرج واستهزائه بصوت من لديه عيب أو تأتأه وعندما يحاول أحدنا الدفاع عن زميله يحاربونه ويضعون شروطاً تعجيزية لذهابه للمعسكر كرفع 130 أو 140 كيلو خلال مدة تقل عن أسبوع مما يضطرنا للصمت ومجاراتهم أحيانا.
النزهان: طلبنا أجهزة فقالوا لا توجد ميزانية
وذكر خالد النزهان لاعب سابق ومدرب حالي لألعاب القوى في منتخب المملكة لذوي الاحتياجات الخاصة شارك في بطولات عدة في (رفع الأثقال) كنا نتدرب بجهاز واحد وعندما طلبت من إدارة الاتحاد جلب أجهزة للتدريب ذكروا لي أنه لا توجد ميزانية قائلين أطلب دعم لنتمكن من شراء أجهزة لكم ,فبادرت بطلب الدعم من الجهات الخاصة حتى وافقت إحدى المؤسسات بتقديم مبلغ 50 ألف ريال لشراء أجهزة للتدريب وهو مبلغ لم أكن أحُلم به أخذت المبلغ مسرعاً وقدمته لإدارة الاتحاد ليتم شراء الأجهزة لنستعد جيداً للمشاركات ونحقق نتائج إيجابية وانتظرت فترة ولم تصل لنا أي أجهزة وبعد مدة طويلة تفاجأنا بضياع مال الدعم على شراء أجهزة للإداريين معللين ذلك بحاجة الإدارة لهذه الأجهزة لطبع خطابات الدعم.
وأضاف النزهان: دربت الفريق في إحدى البطولات وعندما حققنا الفوز وعدنا للرياض وفي لحظة التكريم تقدم شخص مجهول الهوية لأول مرة نشاهده للأمين العام على أنه المدرب الذي حقق الفوز مع الفريق وتم تكريمه وإعطاؤه مكافأة وهُضم حقي.
ويضيف خالد: يخوض اللاعبون المباريات بملابسهم التي يأتون بها من المنزل بألوان متعددة فمنهم من يلبس قميصا أزرق والآخر أصفر ومنهم من يأتي (بجلابية) وهكذا بقية الفريق تتنوع أشكال ملابسهم وألوانها وأشار النزهان إلى أن الملابس المقدمة للاعبين من أسوأ الأقمشة وأكثرها رداءة قائلاً: في إحدى البطولات الخارجية قدم الاتحاد ملابس للاعبين لارتدائها في المباريات ولكنها تمزقت وظهرت خيوطها في المباراة الأولى.
الرشيد: أقمشتهم سيئة وتتعبنا
نحن المقعدين نحتاج لأنواع جيدة من الأقمشة المريحة لنا لكن للأسف ما يقدمونه لنا في الاتحاد من أقمشة سيئة للغاية تتعبنا كثيراً ونحن نصاب بجروح بسبب الكراسي وهذا النوع من الأقمشة يزيد تلك الجروح سُوءا وهي لا تبرأ بسرعة بسبب عدم وصول الدم لتلك المناطق وعندما ننتهي من المباريات نظل نعاني من تلك الجروح لفترة طويلة تستمر لشهرين أو ثلاثة أشهر مضيفاً وعندما تحدثنا مع الإدارة وبينا لهم كم نعاني من هذه الأقمشة قالوا لنا (مشوها ولا تدققون) وأضاف قائلاً: الخامات الجيدة تريحنا كثيراً وتساعدنا على العطاء.
وأضاف الرشيد لا نستطيع التنقل بسهولة فلا مواصلات موفرة لنا ولا بدلات والنقل الجماعي غير مهيأ وليس فيه ممر للعبور قائلا: المواصلات تعرقلنا كثيرا فالمعاق يعاني أثناء التنقلات ولا يجد مواصلات مناسبة له كما أنه يدفع لسيارات الأجرة من جيبه الخاص ليأتي للتدريب والتي تكلفه كثيراً.
وفي ظل هذا الغلا المعيشي وارتفاع أسعار الأدوية والمواد الطبية التي يحتاج لها دائمة يتساءل الرشيد من أين سآتي بالمواد الطبية الباهظة الثمن التي استخدمها بشكل يومي مشيراً إلى أنه يدفع ما يزيد على 70 ريالا يوميا للأدوات الطبية التي يستخدمها كل صباح إلى جانب العلاجات والمراهم بالإضافة لسعر الكرسي المتحرك الذي تتجاوز قيمته (17000) ريال.
السهلي: الاتحاد رفض مساعدتنا
وأختتم لاعب المنتخب السعودي لذوي الاحتياجات الخاصة لكرة القدم عبد الرحمن السهلي معاناة زملاءه بالحديث عن عدم توفير سكن للرياضيين من ذوي الاحتياجات الخاصة وذكر معاناته بعد أن عجز عن توفير سكن له ولأسرته وذلك لضعف ما يتقاضاه من راتب من عمله قائلاً:تقدمت لصندوق التنمية العقاري بأرض لوالدتي في وادي الدواسر التي باعتها لتوفر مصاريف زواجي وأخي وقد ظهر اسمي منذ 5 أشهر ولم أستطع شراء أرض لبناء مسكن لي ولأولادي الثلاثة وهذه فرصتي الوحيدة لامتلاك سكن وإن ذهبت فلن أستطيع امتلاك منزل ما حييت مضيفاً: تحدثت مع الاتحاد لمساعدتي ولكنهم رفضوا والصندوق العقاري رفض تسليمي المال لعدم وجود الأرض متسائلاً لماذا لا تكون هنالك تسهيلات لذوي الاحتياجات الخاصة، قائلاً فنحن غير قادرين على البناء لماذا لا يتم تسليمنا مبالغ نشتري بها بيوت جاهزة تؤوينا وأولادنا. فما نتقاضاه من مكافآت لا يكفي لشراء وجبة غذائية موضحا أن ما يتقاضونه خلال الموسم الرياضي كله وهو 7 أشهر 480 ريالا فقط مشيرا إلى أنها قد تتأخر أحيانا لسنة وسنتين.
المدرب السابق: «حاربوني» و«طردوني»!!
كما تواصلت «الجزيرة» مع المدرب السابق (أبو مبارك) الذي ذكر قصة طرده من الاتحاد قائلاً: حوربت منذ المباراة الأولى التي دربتها وذلك لأني رفضت الملابس المقدمة للاعبين فهي رديئة جداً ولا تليق بمستوى لاعبي المملكة العربية السعودية بالإضافة للسكن الذي يتم اختياره لهم أثناء المشاركات الخارجية أسوأ الأماكن وأرخصها مما يؤثر على اللاعبين وعلى قدرتهم على العطاء فدائما ما يتم استجار أرخص الشقق التي تخلو من المصاعد الكهربائية أو تكون رديئة ودائمة التعطل ليعيش اللاعبين من ذوي الاحتياجات معاناة كبيرة مع السلالم بالإضافة للطعام غير النظيف والخدمات السيئة.