لو سألت سعودياً: هل تناولت (وجبة الغداء) اليوم؟!
سيجيبك (بنعم) ضربت (بالخمس) ولله الحمد وألحقتها (بكأس لبن) كالمعتاد، أو سيقول لك (نقرشت خفايف) إذا لم يكن صحن (الكبسة) هو سيد المائدة في ذلك اليوم..!
إنها ثقافة (الكبسة) التي ترعرعنا عليها في (الخليج عموماً)، حتى ظهرت أنواع وأصناف متعددة (للكبسة)، تتمحور جلُّها حول (البرياني) و(مكبوس الدجاج) و(كبسة اللحم)، الأمر لم يعد يخصنا وحدنا، بل إن الأجانب الذين يعيشون بيننا (أدمنوا الكبسة) أيضاً، إنه (سحر الرز)..!
تعلُّقنا بالكبسة (فريد على مستوى شعوب العالم)، هناك أمم غيرنا بلا شك تأكل الرز (كالهنود وآخرين) ولكن ليس بنفس العلاقة (الحميمية) التي تربط بين السعودي والتهام (صحن التبسي) في معظم أيام السنة..؟!
(الكبسة) هي الوجبة الرئيسة لدينا، ولو قارنت بين عدد مطاعم (وجبات الرز) وأي شيء آخر في شوارعنا؟! سترجح كفة (الرز) بلا منازع..! هي (ثقافة غذائية) متأصّلة لا يمكن أن نتنازل عنها بسهولة أو أن نغيّرها أو نساوم على مجرد غياب الرز من (موائدنا العامرة) التي تتفنن بأنواعه، بل إن معظم (أزمات) ارتفاع أسعار (كيس الرز) عالمياً أثبتت أننا لن نتنازل عنه مهما بلغ ثمنه..!
لكن السؤال المطروح: هل تعتقدون أن ظهور (دراسات جديدة) تحذِّر من الإكثار والإفراط في تناول (الرز بأنواعه) ستغيّر من أسلوبنا الغذائي؟!
أشك في ذلك، رغم أننا ملزمون اليوم بضرورة (إعادة النظر) في مدى فائدة (صحن التبسي) بعد هذه الدراسات المخيفة..!
باحثون من جامعة (هارفارد) جددوا يوم (أمس الأول) التحذير من أن الإفراط في تناول (الرز)، وخصوصاً (الرز الأبيض) بشكل يومي، يسبب ارتفاع نسبة الإصابة (بداء السكري) بنحو (10%) أكثر من أي غذاء آخر، بل إن الشعوب التي تتناول (الرز) ونحن على رأس القائمة بالإضافة إلى (الصينيين واليابانيين والأستراليين) ترتفع احتمالية الإصابة (بالسكري) لديهم بنحو (27%)..!
(رئيس الفريق العلمي) الذي راجع (4 دراسات سابقة) شكله حنَّ علينا وعلى (تولّعنا بالكبسة) واستدرك قائلاً: إن تناول (الرز الأسمر) أو (البني) أفضل بكثير من (الرز الأبيض)، وهذا قد يساعد كثيراً في تقبّل تعديل (السلوك الغذائي) وتقنين العلاقة بين (بطوننا) و(حبات الرز)، خصوصاً بعد تأكيد علاقة (الإكثار منه) في رفع احتمالية الإصابة بالسكري..!
هل تعلمون أننا في السعودية نملك مصدر أحد أكثر أنواع (الرز الأسمر فائدة)، إنه (الرز العربي الأحمر) الذي كان يُزرع في (الأحساء بكثرة)، والذي تقدّر (مساحة زراعته) اليوم بنحو (180 هكتاراً)، وهو بالمناسبة يحتاج لدرجة حرارة عالية وشمس ساطعة ويعيش بالقرب من النخيل (بالضواحي)، حيث لا يستهلك كمية مياه كبيرة..!
أعتقد أن تنمية وتطوير زراعة (الأرز الحساوي) ستؤتي أوكلها وثمارها علينا (اقتصادياً وصحياً)، وستُجدي كنوع من (الأمان الغذائي) إذا ما دعمت للغذاء (الرئيس) لنحو (نصف سكان العالم) ولا سيما أن الأحساء الواحة الخضراء عرفت زراعته منذ (400 سنة) مضت..!
ولعل (الشاعر الشعبي) قديماً كان يروّج (للرز الحساوي) بطريقته الخاصة عندما قال:
أتذكر يوم هب الهوا
هبوا في الذري
يا حلو (عيش الحساوي)
وما خسر من يشتري.
وعلى دروب الخير نلتقي.
fahd.jleid@mbc.net