لقد ثبت أن الزراعة لها تأثير كبير على المجتمع لأنها توفر الغذاء للسكان وتساعد على توظيف العمالة الوطنية وتحارب البطالة، لذا يفترض تطوير الأبحاث الزراعية والبحث عن مصادر المياه، والإسراع بزيادة إنشاء السدود في كل قرية وهجرة، وحث رجال الأعمال على تفعيل الاستثمار في القطاع الزراعي وقطاع الاسماك، حيث لم يعد لديهم العذر، فالطرق وجميع الخدمات من مدارس وجامعات ومستشفيات ومراكز صحية وصلت إلى كل مكان، وأصبحت في كل قرية وصارت الفرص جاهزة لتمويل المشروعات الصغيرة.
الدولة (أعزها الله) تنفق الكثير وبسخاء على مشاريع التنمية الزراعية وذلك بالدعم المالي الكبير ومنح الأراضي الزراعية للمزارعين في جميع أنحاء المملكة، حيث مكنتهم من استصلاح وإحياء الأراضي الزراعية وإدخال الطرق الحديثة بما يتوافق مع المواصفات المتاحة مثل الري بالتنقيط وترشيد استهلاك المياه، ومنحهم القروض الزراعية وذلك لاستكمال إجراءات تملك الأراضي الزراعية.
المزارعون لم يجدوا جدوى من ذلك ووقعوا في مشكلة شح المياه وارتفاع أسعار المواد والأسمدة الزراعية ومستلزمات الآلات الزراعية والديزل وتسديد الديون، حيث هناك الكثير من المقترضين من البنك الزراعي الذين لم يوفقوا في الزراعة لضعف الأبحاث من قبل وزارة الزراعة عن مصادر المياه وتقلب المناخ القاسي، وأصبحت القروض عليهم صعبة وثقيلة وأصبحوا يسددون قروضهم بالاقتراض دون عائد مجزي لهم من منتجاتهم الزراعية وأثقلت كالهم القروض الزراعية والمصرفية.
موافقة الملك عبدالله – حفظه الله - على إعفاء صيادي الأسماك من القروض الزراعية، وقروض الذين توفوا قبل تسديد ما عليهم من قروض زراعية مستحقة، دليلاً قاطعاً على اهتمامه الكبير بأبنائه المواطنين، والتخفيف عنهم وعن أسرهم ومساعدتهم على الاستمرار في كسب معيشتهم، وتعتبر دعماً للتنمية الزراعية في المملكة وتحقيق مزيد من الإنتاجية والسعي إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي، والتخفيف من الاعتماد على الاستيراد من الدول الأخرى وسيكون له الأثر الإيجابي على المستثمرين في القطاع الزراعي وقطاع الأسماك.
هذا الجانب يحتاج إلى تصورات استراتيجية بعيدة المدى وأن يكون هدفها الرئيس الاستصلاح وفن الاستخدام الموارد وتوطينها بدلًا من هدر الموارد على الاستثمار غير النافع في هذا المجال وغير المراقب والمتابع، أو على الاستيراد الخارجي خاصة وأن هناك إمكانية حقيقة الإنتاج في مناطق متنوعة ومختلفة من المملكة.
ومن أجل حماية الفلاح المنتج وتسهيل مهمته الزراعية للتغلب على الظروف المناخية القاسية التي ما زالت تعرقل مسيرته الزراعية في جميع أنحاء الوطن، يفترض إعادة النظر في التعامل مع المزارعين ودعمهم وتشجيعهم بمنح مالية بدلا من القروض الزراعية بهدف تمكينهم من المشاركة الاقتصادية ومحاربة البطالة وتوطين الوظائف وتحقيق التنمية الاقتصادية وحث البنوك المحلية على تقديم قروض حسنة وميسرة للفلاحين الصغار من أجل التنمية الزراعية لا بل يجب التفكير بإنشاء معهد متخصص للعلوم الزراعية والبيطرية لتأهيل القائمين على الزراعة تأهيلا علمياً.
كما أن الكثير من المزارعين المقترضين من البنك الزراعي يتطلعون ويأملون من خادم الحرمين الشريفين حفظه الله أن يشملهم برعايته وتشملهم الأوامر الملكية التي صدرت في وقت سابق والتي تم فيها إعفاء المقترضين من صيادي الأسماك والمتوفين من المزارعين والمقترضين من بنك التسليف والبنك العقاري مساواتهم بتلك الجهات وإسقاط بعض الديون الزراعية عنهم لخدمة المصلحة العامة وخدمة هذا الوطن المعطاء حيث إن الإعفاء ليس الحل ولكن التخطيط الأمثل هو الحل الحقيقي وعليه فإن إعفاء المواطنين ناجم عن ظروف مناخية غير أن هذا يستدعي أيضا وضع رؤى مستقبلية لقطاع هام وحيوي.
(*) مستشار مالي - عضو جمعية الاقتصاد السعودية
Ahmed9674@hotmail.com