مع اقتراب موعد انعقاد القمة العربية في بغداد يعيش المجتمع السياسي بالداخل حالة من التشنج الإعلامي وارتباك ظاهر في العلاقات السياسية بين الكتل الحزبية المشاركة في حكومة المالكي الملقبة مجازاً بالشراكة الوطنية، وبظرف أمني قلق في تصاعد اختراقات التفجيرات يومياً للطوق الأمني المحكم حول بغداد. وشكل النزاع الإقصائي الذي مارسته كتلة (دولة القانون) بخلق جو من قلق المؤامرة السياسية المرتكزة على تطبيق قانون الإرهاب السيف المسلط على الكتل المعارضة لبرامج الحكومة في تنفيذ سلطتها على من يخالفها، وقد يكون عامل الصدفة أم تكون تلك الإجراءات المقصية لبعض رموز القائمة العراقية ابتداء بقرار المالكي بإبعاد نائبه الدكتور صالح المطلق لتراكم مسببات سوء العلاقة بينهما.
وجاء الفصل الثاني لهذا المسلسل المبرمج ضد العراقية بطرح تآمر فوج الحماية لنائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي وتقديم المالكي إعلامياً لقضية الهاشمي ومرافقيه قبل طرح القضاء للتهم بصفة رسمية يزيد عامل الشبه في صحة ظروف هذه القضية التي أشغلت الرأي العام العراقي وتأثيرها المباشر في تأزيم المشهد السياسي المؤدي إلى تفكيك العلاقة الاستراتيجية بين كتلة الاتحاد الوطني والكتلة الكردستانية إثر رفض زعيم اقليم كردستان العراق مسعود البرزاني تسليم ضيفه نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي للسلطة في بغداد؛ مما أشعل نار الحملات الإعلامية بين الكتلتين (دولة القانون والكردستانية) وأكد للسياسيين الأكراد بأن السبب الرئيسي لرفض مجلس القضاء العراقي لنقل قضية الهاشمي وحمايته للمحاكم في محافظة كركوك أو أي جهة أخرى في شمال العراق بأن هذا الرفض مرده الخشية من ظهور أنواع من التأثير الأمني الممارس على المتهمين أثناء التحقيق معهم وتوجيه اعترافاتهم بالإغراء أو التعذيب جر قدم الهاشمي لهذا الفخ القضائي وتصفيته سياسياً بعد أن أصبح شوكة قوية في جسد حكومة المشاركة الوطنية، وفضح تغلغل النفوذ الإيراني في كل مؤسسات السلطة التنفيذية العراقية، وأيد ذلك تصريحات المسؤول الإيراني عن الملف العراقي الجنرال قاسم سليماني بتوجيه القرار الحكومي في العراق عن طريق فيلق القدس الإيراني تحت قيادة سليماني! والعمل على شل كل أجنحة كتلة العراقية قبل انعقاد قمة بغداد، ولكن كل هذه الإجراءات التهميشية نحوها لم تؤثر عليها، وأعلنت قرارها بتقديم مذكرة مكتوبة على شكل رسالة للزعماء العرب المشاركين في قمة بغداد متضمنة (أزمة العملية السياسية العراقية).
ومع العد التنازلي لتاريخ انعقاد القمة العربية في بغداد يتوسع مجال الأزمة السياسية الداخلية في المشهد السياسي العراقي وغير الموحد في خطابه الوطني في إشغاله لمقعد رئاسة القمة. هذا الموقع الذي طال انتظاره لدولة العراق، وهو في حالة من التنازع السياسي وضبابية استراتيجيته الدبلوماسية من القضايا العراقية والإقليمية والمحيط الجغرافي يعيش حالة من التحرك المختلف في النظرة العربية لنتائج ما يسمى بالربيع العربي، والذي أخشى أن ينطبق عليه الحكمة القديمة (لا تفرح بأمطار الربيع الغزيرة لتحصد في الخريف أوراق الشجر المتساقطة دون ثمر).
* هيئة الصحفيين السعوديين - جمعية الاقتصاد السعودية