ارتفعت فجأة أسعــــار السلع الغذائية في الكويت وبدأت تظهر لديهم بوادر أزمة غذائية تتزايد يومياً بسبب إضراب موظفي الجمارك لأكثر من أسبوع، ولوحظ نقص شديد في المعروض من المواد الغذائية كالألبان والخضراوات المستوردة التي لا تتحمل البقاء طويلاً دون تبريد، كما تراجع معروض اللحوم ومستلزمات غذائية أخرى.
وبعيداً عن مطالب المضربين من حيث جدواها أو عدمها ومدى أحقيتهم في التعبير وإبداء الرأي؛ إلا أن المطلع لابد وأن ينظر بموضوعية لتلك الإضرابات بألا تلقي بظلالها على تعطيل المرافق العامة وإلحاق الأضرار الجسيمة بمصالح المواطنين والمصلحة العامة، وألا تخرج عن الشرعية القانونية وتتجاوز المشاعر الوطنية.
وما يؤسف له أن هذا الإضراب المفاجئ قتل فرحة المواطنين الكويتيين بزيادة الرواتب، وأشعرهم ببوادر أزمة غذائية قادمة في بلد لا تشكل الزراعة وتربية المواشي نسبة تذكر!! حيث تعتمد الكويت - مثل بلدان الخليج الأخرى - على استيراد جميع السلع الغذائية. وبلادنا الحبيبة غير بعيدة عنها بسبب ما يشاع من ندرة المياه وصعوبة الزراعة.
ومن الأمور التي تمخض عنها الإضراب الحاجة الماسة للنهوض ببرنامج وطني يحقق الأمن الغذائي للوطن بحيث يشعر المواطنون والوافدون بالاستقرار. فليس أشد من النقص في كمية الغذاء المعتاد ولاسيما في حالة الأمن ورغد العيش.
وما حصل في الكويت أقلقني كثيراً، حيث تعتمد بلادنا على الاستيراد، ويبالغ مواطنوها بالاستهلاك في شراء مستلزماتهم الغذائية! فلو دخلت سوقا للخضار لتعجبت من كثافة المعروض ناهيك عن محلات الخضار والفواكه التي تنتشر في الأحياء، عدا الأسواق الكبرى لدرجة أن تتساءل عمن يستهلك كل هذا المعروض من المواد الغذائية الذي يجبى لبلادنا من كافة أصقاع الدنيا طالما آبار النفط تسكب مخزوناتها في حاويات الناقلات التي تمخر عباب البحار والمحيطات! بينما لازال همّ إغلاق مضيق هرمز يقلقنا، وقراصنة الصومال تزعجنا، وكثير غيرها من الهموم التي تتحملها عنا حكومتنا لنخلد في نوم عميق، ونستيقظ لنتناول إفطارنا المشكّل من مربى فرنسا وأجبانها المنوعة وزيتون أسبانيا وعصائرها وقهوة أمريكا ونكهتها، ولا يحلو لبعضنا إلا احتساء مياه جبال أوروبا المقطرة.
والأمن الغذائي ليس مهمة الحكومة فحسب، بل لابد من استشعار المسؤولية من الجميع، فكيف يهون على موظف أن يُضرب عن العمل وهو على ثغر خدمة أمته؟ وكيف يركن لهوى نفس وهو يرى حاجة الناس لخدماته في فسح طعام وغذاء مستورد يقيم صلب مواطنه والوافد لبلده؟ وكيف لا يفكر في أزمة توقف شاحنات الغذاء والدواء وحليب الأطفال على حدود بلده رغم الحاجة لها؟!
وكنا في وقت مضى نخشى على بلادنا من العداوات الحكومية الخارجية وإغلاق حدودها ومنع مرور شاحنات الغذاء؛ فأصبحنا نخشى من غضبة أبنائنا وتجويعهم لآبائهم وأولادهم دون شعور منهم بالمسؤولية!
rogaia143@hotmail.comTwitter @rogaia_hwoiriny