ثمة حراك ملحوظ تشهده الجامعات السعودية منذ أحداث جامعة الملك خالد في أبها.. ومن ذلك المبادرات التي قام بها أكثر من مدير من مديري الجامعات السعودية، سواء على صعيد ترتيب لقاءات مع الطلاب والطالبات ومناقشة مشكلاتهم وقضاياهم، أو ما قام به البعض من إجراء تخفيضات لتكلفة بعض السلع والخدمات التي يشتريها الطلبة.. ونحو ذلك من المبادرات.
وقد تعودنا أن نقول، في مثل هذه المواقف، «رُبَّ ضارة نافعة».. وإن كان الأفضل - بطبيعة الحال - تفادي الضرر منذ البداية وقبل أن تقع الفأس في الرأس.
ولكن يقتضي الإنصاف أن نتذكر أن ظروف الجامعات تختلف من جامعة إلى أخرى. فبعض الجامعات، وخصوصاً الجديدة الناشئة، لم تستكمل بنيتها الأساسية بعد حتى في المباني والتجهيزات.. فضلاً عن عدم القدرة على استقطاب الكوادر البشرية الأكاديمية ذات المستوى المتميز أو حتى العادي.. وبالتالي لابد أن يكون هناك قصور.. وهو القصور الذي عادةً ما يرتبط بالبدايات الصعبة لأي مشروع. وليست معاناة الطلاب والطالبات أثناء الدراسة هي المشكلة الأولى أو الوحيدة.. فهذه المعاناة، رغم مرارتها، تهون إذا ما أدركنا أن قصور الجامعات سينعكس بشكل أكثر مأساوية بعد تخرجهم من الجامعة حين يحاولون دخول سوق العمل ويجدون أن ما تعلموه في الجامعة لا يؤهلهم حقاً لأداء مهام الوظائف التي سيتولونها!
أما الجامعات الأقدم، فمسؤوليتها كبيرة.. لأنها تمثل النموذج الذي تنظر إليه الجامعات الناشئة. ومن المفروض، من الناحية النظرية على الأقل، أن تكون هذه الجامعات الأقدم قد تمكنت من إرساء تقاليد جيدة في أدائها الأكاديمي والإداري خلال مسيرتها الطويلة. غير أن من يتعمق في قراءة المشكلات التي تواجهها جامعاتنا، بشكل عام، يكتشف أن المشكلة لا تتعلق فقط بحداثة التجربة أو قدمها، ولا بالأشخاص الذين يديرون الجامعات، ولا في ضعف التجهيزات والإمكانات.. وإنما الأهم من ذلك كله هو النظام الذي يحكم عمل هذه الجامعات. وقد نوقش هذا النظام في ندوات ومؤتمرات وكتب ومقالات كثيرة، وتم إحداث بعض التطوير من خلال ما انتهت إليه اللجنة الوزارية للتطوير الإداري من قرارات.. ولكن في أوقات كثيرة كان يتم الاكتفاء بـ «أنصاف حلول» بدلاً من «حلول كاملة».
لقد حان الوقت لإعادة النظر، مرة أخرى، في أنظمة التعليم العالي وتطويرها إلى ما يناسب المرحلة الحالية وظروف البلاد الراهنة.. ومن الضروري أيضا المبادرة إلى إنشاء اتحادات وروابط طلابية منتخبة في الجامعات كي تكون هي الصوت المعبر عن هموم ومشكلات وتطلعات الطلاب والطالبات والمختبر الذي يكتسبون فيه المهارات القيادية.. وهذا كله، كما أشرتُ في مقال سابق، سيساعد قيادات الجامعات في عملها وسيختصر عليها الكثير من الجهد والمعاناة.
alhumaid3@gmail.comص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض