ارسل ملاحظاتك حول موقعنا

Wednesday 21/03/2012/2012 Issue 14419

 14419 الاربعاء 28 ربيع الثاني 1433 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

لفت انتباهي تقرير طويل عريض عن خاطبة تزعم أو يزعم معد التقرير أنها من أشهر الخاطبات إن لم تكن أشهرهن على الإطلاق، ذلك التقرير الذي غطّى موضوعات عدة يستطيع الفطن استنباط الكثير مما بين السطور ولا أعلم حقيقةً إن كان معد التقرير قاصداً لإثارة تلك الأسئلة بغية توجيه بعض الرسائل للقارئ.

الخطابة كعمل أو مهنة تُمارس باحترافية فيه كثير من العقبات والمشكلات كما به الكثير من الدروس والعبر وكانت العرب في الماضي تأخذ الأمر في بساطة متناهية دون تعقيدات اليوم التي أفرزتها الحضارة والتوسع والتكاثر أيضاً، كما أفرزها فقدان العديد من العادات المحمودة والمستحبة كتقارب الجيران وصلة الرحم والتواصل الاجتماعي المكثف وعدم التكلف في إقامة المجالس والدوريات.

ثم إن كثيراً من النساء اليوم يبتعدن عن الدخول في مواضيع الزواج خوفاً من عدم التوافق بين الزوجين بعد الزواج الأمر الذي يُشعرهن - من تدخلت أو حتى من استأنس برأيها - بالذنب نتيجةً لذلك حتى قيل “أمشي في جنازة ولا أمشي في زواجة”.

نعود للتقرير الذي بدأت به مقالي لأقول إن الزواج مع ما يحمله من معان سامية، هو أيضاً تفريغ للطاقات الجنسية عن الشباب، فالجنس وقضاء الشهوة الجنسية، يُعتبران من الحاجات الجسدية والنفسية والتكاملية للاستقرار في الصحة العامة للشخصية الإنسانية، لأنها تمتد إلى عمق كيانه ووجوده مشبعةٌ حاجاته الفطرية التي تعامل معها منذ بدء الخليقة مع اختلاف الضوابط المحكمة لتحقيق تلك الغاية.

غريزة الجنس خلقها الله مع هذا الكائن حتى إنها باتت ربما المسيطر على كل وجوده وكيانه، وأصبح الإحساس الجنسي هو أقوى الأحاسيس وأعنفها وأهمها في داخل ذاته، لا يفوقها في ذلك إلا إحساسه بذاته، وخوفه مما قد يستهدف حياته، حتى إن فرويد - العالم النمساوي اعتبر الجنس المحرّك الأساس للإنسان، ويجب استغلاله في بناء المجتمع السليم وإلا تحول إلى عنف وخطورة على حياته وبقائه.

والزواج من أسباب تطور وتقدّم الإنسان لما يسببه من استقرار ونجاح ينشده الإنسان في بناء الأسرة وفي شتى مجالات الحياة، ولذا كان أمر تنفيذه مطلباً حضارياً وأمر تيسيره مطلباً صحياً، بل شرعياً أيضاً للفرد وللمجتمع بأسره ومبعثاً للأمن الذاتي ومانعاً للزنى والعلاقات غير الشرعية.

الزواج موضوع مهم جداً، ويرتبط أساساً بعملية تكوين الأسرة والإنجاب والاستقرار، حتى تتم المحافظة على الجنس البشري من الاندثار أو الانقراض، والمتعة الجنسية، وما نسمع عنه من زيجات في الوقت الحاضر، ليس هدفه خلق أسرة كريمة وإنجاب الأطفال، والمحافظة على الجنس البشري من الانقراض فقط، بقدر ما هو أيضاً تحقيق المتعة الجنسية والحصول عليها، وإشباع رغبات ونزوات معينة، سواء من قبل الرجل أو من قبل المرأة، أو للطمع المادي من أحد الطرفين، كما أن بعض هذه الزيجات، التي نسمع عنها بكثرة في العصر الحديث، ما هي إلا تحايل لتبرير التعدد إن كان ذلك معلناً أو لإخفاء الزواج عن الزوجة إن كان الرجل غير قادر على الإفصاح عن رغبته.

الأهم من ذلك كله، هو ملاحظتي عن عزوف الشباب اليوم عن الزواج، كثيرون من شباب اليوم - وهم في سن الزواج - غير راغبين في الزواج، أتحدث هنا عن فئة تتراوح أعمارهم بين الخامسة والعشرين والثلاثين، وإن سألت أحدهم علّل لك ذلك بحجة تختلف عن حجة غيره، فأحدهم ربما تعذّر بعدم مقدرته المادية، فيما يتعذّر غيره بأنه غير جاهز نفسياً لإقامة أسرة وبناء عائلة، بينما ثالث يتعذّر بعدم وجود الفتاة التي يبحث عنها. جميع ما سبق مبررات غير منطقية، أتفق مع من ينادي بضرورة أن نستمع للشباب ولوجهات نظرهم ولأفكارهم ومرئياتهم ونأخذ بأيديهم نحو ما يحقق لهم مستقبلاً إيجابياً، لكن الأمانة أيضاً تتطلب أن نحثهم على الزواج منعاً لما قد ينتج عن العزوف عن الزواج من علاقات غير شرعية ومحرَّمة.

الأمر الوحيد الذي ربما وقف حائلاً دون تحقيق ما سبق هو الفقر أو عدم القدرة المالية ذلك في مقابل مغالاة والد وأهل الزوجة في متطلبات الزوجية، هذا أمر بات على وسائل الإعلام التطرق له بقوة ما تتطرق له في موضوعات تقل أهمية عن الزواج، فالزواج إن تم، كان ساتراً لاثنين من شباب الأمة وسواعدها المستقبلية من الوقوع في براثن المحرمات، فبدلاً من الإمعان في تقديم البرامج المليئة بالإثارة، يجب أن يأخذ موضوع الزواج أهمية قصوى، بل يجب أن يكون على رأس أولويات إعلامنا بشتى أنواعه المرئي والمقروء والمسموع اليوم. وإلى لقاء قادم إن كتب الله.

dr.aobaid@gmail.com
 

الزواج والشباب
د.عبدالله بن سعد العبيد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة