يصعب تحليل الأمور عندما تركز على الأسباب وتغض الطرف عن كيفية الخلاص، كمن يضيع وقته في أدق التفاصيل، وينتهي الوقت بعد أن استهلك طاقته بعيداً عن الهدف، ليبقى الحال أعرج في أحسن أحواله.
تلك الصورة تحاكي ما يحدث حول قضايا المرأة على المنابر، وصفحات الكتب والجرائد، وكل وسائل الإعلام، في محاولات جادة للبحث عن الحقيقة والإصلاح، التي لها ألف مدرسة تتزعمها وتدعي امتلاكها.
فالبحث عن التسرب في المكان الجاف يعد بانهيار قريب وفيضان وشيك، وقبل أن أدخل في صلب الموضوع فأنا لست بصدد عقد أي مقارنة بين الرجل والمرأة، إنما أسلط الضوء على هذا المخلوق بغرائزه المتضاربة، وتطلعاته التي من الممكن أن تهلك العالم، وتدخله في جحيم الحروب العالمية كما فعلت سابقاً، والتاريخ زاخر بها.
من أول جريمة قتل في حياة البشرية، التي تنسب الغيرة للرجل كشعور أول ابتدعه ضد نده، مروراً بمسعري الحرب في سبيل السلطة وفرض النفوذ، وانتهاء بتراشق الكلمات في الشوارع، يتساوى فيها الرجال سواء كانوا “بشماغ” أو ربطة عنق، وقد شهد شاهد منهم وهو كولون ولسون حيث يقول:”الرجال الذين ليس لديهم ما يفعلونه، فإنهم يشغلون وقتهم في الصراع”.
وحول طبيعته في تعدد العلاقات فإن ولسون يقول واصفاً رغبة الرجل: “ليست المرأة التي أريدها، بل جميع النساء” ولعل قضية التعدد التي ينافح عنها الرجال تحكي نفس المنطق الذي جعل أحدهم يؤلف كتاباً خارقاً عن (الطريقة المثلى لإيصال خبر زواجك لزوجتك الأولى) الذي أثار حفيظة النساء اللاتي لم يعرفن أنها رغبات الرجل الأقوى التي تتلخص في أمرين: نساء وسلطة واسعة لا حدود لها.
وعلى مستوى أقل شأناً فإن الذكور من الحيوانات غير الناطقة تقاتل بوحشية حتى الموت لنفس الرغبة، فمن باب أولى الالتفات لتهذيب طبيعة الرجل البدائية ليكون العالم بخير وينعم بالأمان، فالتاريخ كما يمنح نماذج مرعبة، فهو يحتفظ بمن سيطروا على أنفسهم وسطروا للدنيا جهوداً مضنية صعدت بالبشرية لأرقى الأماكن.
خارج النص: يفقد البوح قيمته عندما يخضع لترتيب أو تبرير.