يهز غفلة الهادرين في الركض..
السادرين في الأحلام..
المطلقين أشرعة سفنهم في بحور الأماني..
المتعلقين بأهداب السراب..
القابضين على مقود الغواية..
المرتوين بأخيلة خلب البروق
.. هذا المار بسطوتها، الريح تبعثره كما يقتضي الهواء..
ليس ثمة وجهة يقصدها..
ولا ثمة مكان يقتصر النزول فيه..
كأنه البطشة الشاسعة تلحف السطوح على الأديم حتى الوجوه..
لا يفرق بين وجه إنسان، أو خبايا أبنية متهالكة..
أو جدر مشيدة.. أو أخرى منقضة..
يندس بعنوة المقصد حيث يمر..
يعيث عابثاً بطمأنينة كل ما على الأرض..
مأواه الثقوب، والمداخل, والصدور.. رطبة ويابسة..!!
معبره النوافذ.., والأبواب.., والشقوق..!
وفيها الأفواه.. والعيون.., والآذان..!!
منزله كل الأمكنة.. بلا هوية.., ولا خصوصية..
فمن يقواه.., أو ينازله...؟!!
طليق كما الحرية التي ينشدها الإنسان..!
هذا الغبار.. رسول الريح، حامل الكتاب، ناثر الأوراق، مفصل الحروف، مبلغ الدلالات..
وإلا، فما تقول الأماكن.. ومن وما فيها عنه..؟
عن زياراته الموسمية.. وحضوره الفارض..؟!
ما تقول الأشجار يقصف بثمارها، والأبواب يدك مقابضها، والعيون يرمد أبصارها، والصدور يقتحم نقاءها,..
يعطل الحركة وهو في سطوة حركته،..
يقض قوى الأقوياء، وهو في مدى عنفوانه..,
ذرة ذرة في كيانه دلالة وصوت.. حديث وقول..
يبلغ رسالة الريح تلك التي لم يجهلها التاريخ..
ولا تغفلها الصحائف..؟
والإنسان تعود الغرور، وسذاجة الغفلة,..
يفرح صغاره بهجمة الغبار ليبقوا في منازلهم نياما، أو على وثير المقاعد يمارسون احتساء العصائر، وقضم الكعك، ونقل أخبار يوم يختبئون فيه من الغبار على أثير لقاءاتهم الهاتفية..!
بينما القليل يحوقلون ويسبحون..!
حتى الغبار يفضح هذا الإنسان، يحجم فيه غروره..
يسقط مع كل ما يسقط قوته..!
هذا الإنسان السادر في غيه.., ما تقول له رسالة الريح في مكنون الغبار..؟!!