توضح النتائج في الولايات المتحدة أن 98.58 % من الذين يمارسون نشاط المناظرة التنافسية خلال مرحلة الدراسة الثانوية، يكملون تحصيلهم الجامعي، وأن 10 % من نسبة المتفوقين في المرحلة الثانوية هم من أبطال المناظرة التنافسية، ولوحظ أن الطلبة الملتحقين في نشاطات المناظرة يحققون نتائج تصاعدية في تحصيلهم الدراسي بالقياس إلى نتائجهم قبل الالتحاق، كما أن طلبة وطالبات المناظرة يحظون بتفضيل في الجامعات المعتبرة والشهيرة أكاديمياً، وتسنح لهم فرصة أكبر للحصول على منح دراسية ودراسات عليا وبعد تخرجهم من الجامعة في حياتهم العملية يتمتع طلبة المناظرة بنجاحات متميزة، فكثير منهم يصبح من رؤساء ومديري الشركات العملاقة ورموز القطاع الحكومي، كما أن طلبة المناظرة يتخلق لديهم صفات تؤهلهم للقيادة سواء خلال دراستهم الثانوية بين أقرانهم أو لاحقاً خلال حياتهم العملية ومنها مهارة حسن الإنصات، فن المداخلة، الثقة بالنفس، المبادرة لاتخاذ المواقف التفاعلية، قوة التأثير على الآخر، وطلبة المناظرة يصبحون غالباً شخصيات ناشطة في المجتمع في مختلف الميادين؛ المدنية، الاجتماعية، الاقتصادية، الرياضية، السياسية، وممارسة المناظرة في وقت مبكر يذيب التراكمات الموروثة المعرقلة لتطوير الكفاءة الفردية للجيل، وتمكّن الطالب أو الطالبة من اكتشاف ميولهم الدراسي في وقت مبكر يعينهم لاحقاً على اختيار التخصص الجامعي المتناسب مع رغباتهم الكامنة.
إن دمج نشاط المناظرة ضمن برامج المرحلة الثانوية يفسح المجال للمناقشة والحوار وتمحيص مختلف القضايا المهمة والشائكة في المجتمع السعودي في مناخ من الاحترام المتبادل والحوار المنطقي المعزز بالحجة والبينة، مما سيجعل الطالب يبذل جهداً استثنائياً لكسب المبارزة الذهنية في المناظرة متمثلاً في البحث، التقصي، المناقشة، الكتابة والتحليل ومن ثم إجراء التطبيقات بين أعضاء الفريق استعداداً ليوم انعقاد المناظرة وإدخال مثل هذا النشاط في المدارس الثانوية سينمي مهارات عديدة لدى الطلبة ومنها التفكير المعمق، المهارات العلمية للحوار، نضوج مبكر، والسيطرة على الانفعالات، استعراض البدائل، جميع هذه المهارات المكتسبة في النهاية ستؤدي بطلبة وطالبات المناظرة التنافسية إلى التفوق في حياتهم الدراسية ومن ثم حياتهم العملية كما تشير إليه نتيجة الولايات المتحدة السالفة الذكر، كذلك ستمكن أصحاب العمل من التعرف على قادة المستقبل من الشباب والشابات، ويمكن بعد زرع روح المناظرة التنافسية، رفع سقف هذه المناظرة إلى منافسة شريفة بين المدارس الثانوية، أو منافسة شريفة بين الشباب والشابات تحت رعاية لجان تحكيم من خبراء متخصصين، ومن ثم التصفيات النهائية لقضايا مختارة، تعطي لهم سلفاً للتحضير لها أمام جمهور مباشر من أولياء الأمور والمعلمين والمعلمات، ومن ثم اختيار الفائزة بواسطة التصويت الإلكتروني وتخصيص جائزة ثمينة للفائز تمنح له بيد صاحب السمو وزير التربية والتعليم مما سيزيد من احتدام المنافسة بين المتناظرين ما من شأنه أن يصنع مزيداً من القادة.
إن مثل هذه المناظرة ستكون كفيلة بأن تنمي عند الجيل مَلَكَة التمييز، وحاسة مرهفة للتقييم، وسيشكل لديهم فكراً حصيناً ضد الغزو والانحراف الفكري الغريب، وسيعمل هذا الأثر جنباً إلى جنب مع أسباب الاحتياط المتخذة لحماية النشء من الوقوع فريسة لأهل الفكر الضال.
khalid.alheji@gmail.com