نشر موقع «ياهو» الإليكتروني قبل أيام قصة العاملة المنزلية الإثيوبية التي انتحرت في لبنان بعد أن أجبرها «الكفيل اللبناني» على العودة إلى المنزل وأدخلها في سيارته بالقوة من أحد الشوارع في لقطة نشرتها واحدة من المحطات التلفزيونية اللبنانية.. وتلت ذلك موجة من التعليقات الساخطة من متابعي الموقع صبَّت غضبها الشديد على «العرب» جميعاً وليس على اللبنانيين فقط، ونعتتهم بأقبح الأوصاف، أقلها افتقارهم إلى الحس الإنساني وإلى الرحمة.
وفي نفس الموقع تم عرض تقرير عن المشكلة التي تواجهها المملكة وقطر وسلطنة بروناي في تمثيلها في الألعاب الأولمبية، حيث إن هذه الدول الثلاث هي الوحيدة في العالم، حسب الموقع، التي لا تشارك المرأة في فرقها الأولمبية مما يعتبر تحيزاً ضد المرأة وسوء معاملة لها.. ومثل الموضوع الأول جاءت التعليقات الساخطة على «العرب».. كل العرب، بسبب عنصريتهم وامتهانهم لحقوق الإنسان، وفق ما جاء في التعليقات.
ويتصادف ذلك أيضاً مع كلمة لمسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق ألقاها في المؤتمر القومي للشبيبة الكردية تطرق فيها إلى قضية نائب الرئيس العراقي طارق الهاشمي الذي يطالب رئيس الوزراء نوري المالكي بتسليمه، حيث قال البارزاني:» إن قضية الهاشمي سياسية ولن نسلمه إلى بغداد تحت أي ظرفٍ كان لأن أخلاق الكرد لا تسمح بذلك».
وللإنصاف، فإن البارزاني لم يتطرق على الإطلاق إلى «أخلاق العرب» واكتفى بالإشارة إلى «أخلاق الكرد» التي لا تسمح بتسليم الهاشمي إلى غريمة المالكي الذي تدل المؤشرات أنه قد نصب المشنقة سلفاً لقطف رأس الهاشمي بغض النظر عن أيّ تحقيقات قضائية تثبت أو تنفي الاتهامات الموجهة إليه.. لكن البارزاني وصف القادة العراقيين في بغداد بأنهم «فاشلون».. وبالتالي يمكن لأيّ شخص أن يستنتج ما يشاء من معاني تبرز ما بين سطور كلمة البارزاني.
يلفت النظر أيضاً أن التعليقات التي نشرها موقع «ياهو» كانت بأسماء تبدو من دول شبه القارة الهندية ومن إيران.. بل إن بعضها مكتوب باللغة الفارسية التي تحتوي على كلمات عربية مما يدخل في القاموس الشتائمي الذي لا يحتاج إلى ذكاء لمعرفة المقصود منها. كما يبدو من مضامين بعض التعليقات أن كاتبيها يعيشون ويعملون في المنطقة الخليجية ويعانون من سوء المعاملة.
وفي مناسبات سابقة، ثارت زوابع إعلامية في صحافة بعض الأشقاء العرب بسبب أمور تكون في بعض الأحيان غاية في التفاهة لكنها تتحول إلى حفلات صاخبة من الهجاء المقذع الموجه إلى دول الخليج.. ودائماً تنطلق الشتيمة من خانة حقوق الإنسان المنتهكة!.
نحن نعلم أن «حقوق الإنسان» أصبحت مصطلحاً فضفاضاً.. ولكن مثلما هم يتساءلون في أمريكا «لماذا يكرهوننا؟» ألا يجدر بنا أن نطرح نفس السؤال!؟..
أرجو أن لا يتسرع أحدٌ بالإجابة ويقول إنهم يحسدوننا.. لا أكثر! هل التعليقات التي تطول العرب الآخرين، كما في الحالة اللبنانية، هي أيضاً بدافع الحسد!؟.
alhumaid3@gmail.comص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض