|
بقلم: سيلفيا آن هوليت
يبذل الموظفون الذين ينقصهم الوقت جهودًا متزايدة لتحويل عملهم إلى فرصة تخوّلهم القيام بأعمال خيرية لا يملكون الوقت الكافي لها خارج إطار العمل، والشركات تستجيب لهذه المساعي. بيد أن الرضا الكرميّ الناجم عن هذه الأعمال الخيرية لا يشكّل إلا جزءًا صغيرًا من المكافأة.
وتمنح الأعمال التطوعية المشاركين فرصة لتعزيز مهاراتهم وكسر الروتين المهني والبحث عن معنى جديد لوظائفهم. وتنعكس كل هذه المنافع على أرباب العمل على شكل التزام متزايد وقدرة على الاحتفاظ بالموظفين.
وبحسب البيانات الصادرة عن «مركز ابتداع الموهبة» Center for Talent Innovation، فإن الغالبية الساحقة من خريجي الجامعات ترغب في تعزيز مدى التزامها بالقضايا الخيرية من خلال أرباب عملها.
ويفيد استطلاع «ديلويت فولنتير إمباكت» Deloitte Volunteer Impact للعام 2011 أن «الجيل واي» الذي غالبًا ما يشارك في الأنشطة التطوعية داخل الشركات التي يعمل فيها، أكثر ميلاً إلى الافتخار بشركتهم والولاء لها والشعور بالامتنان إزاء مسيرتهم المهنية.
وتُثبت هذه المشاعر مدى صحتها على امتداد الأجيال المختلفة، بحيث تشير بيانات «مركز ابتداع الموهبة» إلى أن 91% من نساء «الجيل أكس» و76% من رجاله يشعرون بأنه من المهم أن يسهموا في مجتمعهم أو في العالم الأوسع نطاقًا من خلال العمل.
هذا ويمكن للبرامج التطوعية في الشركات أن تتراوح بين أنشطة خدمات مجتمعية ليوم واحد وبيَّن إجازات قصيرة يُتاح لأصحاب الأداء العالي من خلالها النفاذ إلى دول نامية وإيصال خبراتهم إلى منظمات لا تتوخى الربح. ويشكّل برنامج «أفترنون أوف سرفيس» Afternoon of Service الذي أطلقته شركة «موديز» خير مثال على الفرص التي تتاح مرة في العام للأشخاص الراغبين في خوض غمار عالم التطوعية.
وبالنسبة إلى الأشخاص الذي يتوقون لاختبار تحدياتٍ أكبر، تعمل 27 شركة على الأقل من أصل 500 شركة ورد ذكرها في قائمة مجلة «فورتشن» - على غرار «إنتل» و»بيبسي كو» و»فايزر»، الآن على تطوير برامج مجانية في الاقتصاديات الناشئة كالهند وغانا، وفق ما جاء في استطلاع من إعداد «سي دي سي ديفلوبمنت سوليوشنز» CDC Development Solutions، حيث إن مبادرات من هذا النوع تمنح الموظفين الفرصة لتطوير مهارات جديدة، وتفسح المجال أمام الشركة لتقييم أعمال جديدة داخل الأسواق الناشئة، وتسمح للشركة المحلية بالاستفادة من منافع الخبرة المؤسسية.
إلى ذلك، قد تسهم مهام مماثلة في إطلاق مسيرة مهنية، حيث إن قبول أحدهم للقيام بمهمة تطوعية هو أمر تنافسي إلى حد كبير -فعلى سبيل المثال، كشفت شركة «إنتل» مؤخرًا لصحيفة «وول ستريت جورنال» أن نسبة 5% فقط من مقدّمي الطلبات نالوا الموافقة للمشاركة في هيئتها المعنية بالخدمات التعليمية Education Service Corps، مع العلم أن الهيئة رفيعة المستوى، وهي تنشر داخل الشركة وعبر الإنترنت أشرطة فيديو ومدونات حول تجربة المشاركين فيها.
ومن يعرف أي نوع من الروابط قد يتأتى عن ذلك؟ وبالمختصر المفيد، توفّر البرامج التطوعية للشركات أكثر من مجرد جزاء كرميّ مرضٍ. فمن خلال ما توفره للمشاركين ولأرباب العمل من علاوات عملية، لا تعود هذه البرامج مجرد أداة «يحلو اقتناؤها» إنما تتحول إلى أداة لتثبيت الموظفين، وإلى فرصة لتطوير روح القيادة وإلى مبادرة أعمال إستراتيجية.
(سيلفيا ان هوليت هي رئيسة كل من «مركز ابتداع الموهبة» و»سيلفيا ان هوليت أسوشيتس» Sylvia Ann Hewlett Associates؛ وهي مؤلفة أحد عشر كتابًا، نذكر منها «الفوز بحرب المواهب داخل الأسواق الناشئة» Winning the War for Talent in Emerging Markets).