|
تونس ــ «حوار» فرح التومي :
أكدت الأحداث على أن تكون العلاقات السعودية - التونسية قوية وأخوية ومتينة مثلما كانت دائماً عبر التاريخ، يعود سبب قوتها إلى عمق وتجذر هذه العلاقات في كثير من الجوانب وخاصة العلاقات الاقتصادية والتاريخية، وهذا ما تؤكده الزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس وزراء تونس الأستاذ حمادي الجبالي على رأس وفد اقتصادي تونسي رفيع المستوى إلى المملكة العربية السعودية، حيث طغت الموضوعات الاقتصادية على تلك الزيارة، عن هذه الزيارة وأبعادها وما حققته من أهداف ، وعن رؤية رئيس الوزراء التونسي لمستقبل العلاقات بين المملكة وتونس وتوجهات القيادة بين البلدين ، انفردت «الجزيرة» بالحوار التالي مع رئيس الحكومة التونسية حمادي الجبالي ، فكان هذا الحوار:
*بعد زيارة فخامتكم الرسمية للمملكة هل لكم أن تطلعونا على الخطوط العريضة لنتائج هذه الزيارة، خاصة وأنها تعتبر الأولى للمملكة بعد الثورة التونسية؟
- من المؤكد أن هذه الزيارة ساهمت في مزيد من تعزيز التعاون بين كل من المملكة العربية السعودية والجمهورية التونسية، وقد كانت الزيارة فرصة لاطلاع العاهل السعودي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز عن مدى تقدم المسار الانتقالي في تونس وآفاقه وتقديم صورة لتونس بعد الثورة للأشقاء في السعودية، والتأكيد على تمسك تونس بعلاقاتها الإستراتيجية مع المملكة وحرصها على رفع كل العوائق التي تعترض هذا التعاون. كما تم الاتفاق خلال الزيارة على دعم العلاقات الاقتصادية بين البلدين، ونتيجة لهذه الزيارة قام الشيخ عبدالله كامل رجل الأعمال السعودي بزيارة تونس في إطار استكشاف موقع تونس بعد الثورة و تحديد المجالات التي يمكن الاستثمار فيها. كما زار تونس أيضا رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية السيد أحمد محمد علي، والتي تندرج في إطار قيام البنك بوضع برنامج عمل داخل بتونس خلال السنوات الثلاث القادمة.
* تضمنت زيارتكم لقاء العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز، ماذا تناولتم في هذا اللقاء وما رؤية خادم الحرمين الشريفين للأوضاع الجارية ولمستقبل تونس؟
في الحقيقة تشرفت بلقاء خادم الحرمين الشريفين، وكان اللقاء مثمرا ومفيدا للغاية، حيث أكد الملك عبدالله بن عبدالعزيز وقوف المملكة قيادة وشعبا إلى جانب تونس في هذا الظرف الاقتصادي الصعب، والعزم الراسخ على تقديم العون اللازم لتونس خلال الفترة الانتقالية ومساعدة الحكومة التونسية كي تواجه التحديات المطروحة أمامها. ومن جانبنا أوضحنا أن علاقتنا مع المملكة هي ركن إستراتيجي في سياسة تونس الخارجية، وستستمر هذه العلاقات الأخوية في المجالات المختلفة، الاستثمارية والثقافية والإعلامية والسياسية، ونحن نشعر بالارتياح في هذا الخصوص.
*اجتمعتم أيضا مع الدكتور أحمد محمد علي رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، وحسب ما تم الإعلان عنه أنكم تباحثتم عن سبل ومجالات دعم البنك للاقتصاد التونسي.... فما أولويات التعاون بين تونس والبنك خلال الفترة القليلة المقبلة؟
لقد تركزت محادثتنا حول كيفية دعم البنك الإسلامي للتنمية ومساندته لنا في ظل الظروف التي تعيشها تونس حاليا، حيث تم الاتفاق على تنفيذ عدد من المشاريع المشتركة خلال الفترة المقبلة وخاصة تزويد عدد من المناطق، بغرب البلاد والشرق والجنوب بالماء الصالح للشراب، وذلك بالتعاون مع شركاء تونس في التنمية، وسيتم إنجاز مشاريع أخرى متعلقة بالبنية الأساسية في المناطق الأكثر حاجة، وفي مجال الطاقة بإحداث محطة لإنتاج الكهرباء في سوسة. من جهة أخرى سيشمل التعاون الثنائي مجالات تشغيل الشباب وتمويل المشاريع الصغرى، والتدريب المهني وتأهيل المراكز التابعة له مع الاستعانة بخبرات من تركيا وماليزيا.بجانب تطوير التعاون في مجال الصيرفة الإسلامية و المشاركة في إقامة بعض المصارف الإسلامية في تونس مع تقديم العون الفني للمؤسسات المصرفية التونسية. وسيتم خلال الأسابيع القادمة التباحث حول الصيغ العملية للإسراع في تنفيذ وإنجاز هذه المشاريع الثنائية. فنحن نولي اهتماما خاصا بالتعاون مع هذه المؤسسة البنكية، حيث من المأمول أن يساهم البنك في العديد من المشاريع التنموية في تونس.* كيف تبدو لكم آفاق التعاون التونسي السعودي في ظل ما عبر عنه الجانب السعودي من وعود جدية لدعم الخطط التنموية بتونس، خاصة وقد أعلنتم عن قرار تيسير ورفع كل القيود أمام دخول المستثمرين السعوديين إلى تونس، بجانب عزمكم القضاء على العوائق وتنقية اللوائح والقوانين التي شكلت حجر عثرة أمام الاستثمارات الأجنبية على مدى العقود الماضية في تونس؟
- نظرا لأهمية شراكتنا مع المملكة الشقيقة وخاصة في الجانب الاقتصادي، فقد فضلت أن يرافقني وفد اقتصادي رفيع المستوى ضم 6 وزراء و 24 مستثمراً. ومن بين الوزراء وزير المالية، ووزير الاستثمار والتعاون الدولي فيما يمثل رجال الأعمال ثمانية قطاعات اقتصادية إلى جانب عدد من المسؤولين في الاتحادات الصناعية وتجمعات رجال الأعمال التونسيون. وقد تم التباحث مع رجال الأعمال السعوديين ونظرائهم التونسيين آلية تفعيل فرص الاستثمار والشراكة بين البلدين ومناقشة آليات التعاون التجاري والاستثماري إلى جانب التطرق إلى التطورات الاقتصادية والمعوقات التي تعترض المستثمرين من الجانبين. ومن أهم القطاعات المعنية بالشراكة والتعاون، الصناعات الغذائية والمواد الكيميائية والتجهيزات المنزلية والبنوك ومواد البناء والطاقة وقطع الغيار الميكانيكية والتجارة الدولية والمقاولات. وتم الاتفاق أيضا على مزيد من التباحث حول هذه المسائل خلال الشهر الجاري في إطار زيارة الوفد السعودي إلى تونس. و قد أكدت للمستثمرين السعوديين أن الحكومة التونسية ستراجع العديد من القوانين على غرار مراجعة الاستثمارات والصفقات العمومية لإكساب اقتصادنا نجاعة أكثر والرفع من قدرته التنافسية، كما سنشرع في إصلاحات هيكلية في عديد من المجالات لاسيما المجال البنكي والعمل على تحويل تونس إلى مركز مالي إقليمي، وقد دعوت رجال الأعمال السعوديين إلى زيارة تونس للوقوف على فرص الاستثمار الكامنة فيها. كما أعلنت خلال لقاء رجال الأعمال بجدة أنه سيتم إلغاء تأشيرة الدخول إلى تونس لحاملي الجنسية السعودية. من جهة قدمت لهم فكرة عن الإصلاحات الهيكلية التي تم الشروع فيها تونس والتي ستشمل 14مجالا اقتصاديا بهدف توفير بيئة أفضل أمام المستثمرين من الداخل و الخارج، وأكدت لهم أن تونس ستعمل على إزالة العقبات التي وضعها النظام السابق أمام المستثمرين. وعبر الجانب السعودي عن استعداده للاستثمار بقوة في تونس وبالتالي فإن آفاق التعاون الثنائي تبدو واعدة جدا وفي العديد من المجالات.
* فخامة رئيس الحكومة، هل من كلمة توجهونها إلى رجال الأعمال والمستثمرين السعوديين الذين ينوون الاستثمار بتونس مساهمة منهم في النهوض باقتصادها في ظل تخوف البعض من تأثر مصالحهم من تبعات التطورات الأخيرة في تونس؟
لقد جمعتنا لقاءات بعدد من رجال الأعمال السعوديين خلال زيارتنا إلى المملكة وهي لقاءات نعتبرها مثمرة، لأنها ساهمت في تقريب وجهات النظر بيننا كحكومة وبين السادة أصحاب الأعمال السعوديين ونحن نتمنى أن نرى عما قريب مشاريع سعودية في تونس، ولن تجد مثل هذه المبادرات إلا كل الدعم والمساندة من قبل حكومتنا خاصة مع إلغاء التأشيرة لدخول المواطنين السعوديين إلى تونس، كما تقر تونس عدة تسهيلات لفائدة المبادرات الخاصة للاستثمار عموما ننتظر أن يكون لها انعكاس إيجابي على الاستثمار الخارجي الخاص، وعلى الاقتصاد التونسي بصفة عامة.