يُسدل الستار اليوم الجمعة على معرض الرياض الدولي للكتاب بعد ماراثون ثقافي متنوّع بين الإقبال المحموم على الشراء واختيار الكتب وبين حضور البرنامج الثقافي المُثري. نواحٍ إيجابية كثيرة كشفتها حالات التدافُّع السلسة للحصول على الكتب بأنواعها المختلفة، والخروج في النهاية بأكياس مملوءة بما راق للشاري من كتب، وبما ثقل وزنه وغلا ثمنه ولا تسأل هل ستُقرأ هذه الكتب ويُفاد مما تحتويه أم سيكون مصيرها التخزين، والانتظار للقاء معها ومع الجديد في المعرض القادم.
تقاطرت الأسر بمعظم أفرادها من كبار وصغار لقضاء أوقات جميلة بين ردهات المعرض، وأكثر ما يشدك العربات المتخمة بالكتب والتي تدفعها الأسر عند بوابات الخروج. اللافت أن زوار المعرض من مختلف مناطق المملكة بمدنها وقراها ما بثَّ مؤشرات إيجابية على ارتفاع مستوى الوعي وبالتالي الإقبال غير المسبوق على القراءة والبحث عن الإصدارات الجديدة، وهو تحوُّل اجتماعي يحتاج لتعزيز بضخ مناسبات ثقافية متلاحقة، والشروع في تنظيم معارض مصغرة في مناطق المملكة للحفاظ على اللياقة الفكرية وضمان ديمومة تناميها، وتحفيز الناس للقراءة، وسيكون التفكير إيجابياً لو طرحت وزارة الثقافة والإعلام في هذا السياق مسابقات ذات جوائز باهظة الثمن تستحق اهتمام المشاركين، وهو شرط يستبعد تلك النوعية من الجوائز الزهيدة أو جوائز الترضية، فرصد جوائز بمبالغ كبيرة سيزيد من وتيرة الإقبال خصوصاً إذا ما رُبطت هذه المسابقات بالقراءة لتهيئة الأجواء للإبداع الإنساني في زمن ركود يحتاج لتنشيط.
لم تقتصر فعاليات المعرض على اقتناء الكتب والوقوف طويلاً أمام المكتبات لممارسة عمليات مضنية من التقليب والتصفح والبحث في قوائم العناوين الطويلة، بل امتد لتقديم برنامج ثقافي منوّع قُدِّر لي أن أحضر معظم ندواته ومحاضراته، وأن أُشارك في مداخلاته الثرية، ولعل أبرز تلك الندوات: الابتعاث آمال وتطلعات للدكتور محمد العيسى، والمجتمع المدني والحكم الرشيد للدكتور مرزوق بن تنباك، وثقافة الحقوق وشارك فيها نخبة من الزملاء الكتّاب والحقوقيين. اللافت في البرنامج الثقافي الجهد المبذول من الزملاء المشرفين عليه، والمتابعة المستمرة من الأخ العزيز الدكتور ناصر الحجيلان وكيل وزارة الثقافة والإعلام، والدقة في التنظيم والاحتفاء بالحضور وتوفير كل مقومات النجاح. عابَ البرنامج قلة الحضور قياساً بمساحة القاعة الشاسعة وبقاء كراسي فارغة تفوق في عددها الممتلئة وهو ما أثار في داخلي الكثير من التساؤلات والاستفهامات حول غياب كثير من المثقفين، فهل السبب عدم رغبتهم في الحضور، أم أنهم يعانون من حالة تشبُّع من كثرة حضور المناسبات، أم أن هناك أسباباً يمكن ربطها مثلاً بعدم القناعة بنوعية الموضوعات المطروحة، أو عملية اختيار المحاضرين، أم أن أسباباً خاصة بالمثقفين أنفسهم يمكن تفسيرها على أنها نوع من التّعالي، أو الشرهة على المنظمين لأنهم لم يوجهوا لهم دعوات خاصة؟.
المعرض الذي يقفل أبوابه اليوم سيمضي بعد أن قضينا أيامه الجميلة بين ردهات المكتبات وقاعات البرنامج الثقافي، وبعد أن طبع بصمات إيجابية كثيرة فجمال التنظيم لم يخربش لوحته الجميلة سوى تكدُّس الزوار عند بوابة الدخول الوحيدة وكان الأوْلى زيادة عدد البوابات لمنح راحة أكبر للحضور.
shlash2010@hotmail.comتويتر abdulrahman_15