مع إنشاء هيئة مكافحة الفساد تطلعت الآمال ومازالت لمحاربة الكثير من أوجه القصور التي تعاني منها كثير من القطاعات الحكومية أو الخاصة تجاه خدمة المواطنين وتحقيق راحتهم!
وبدأت الهيئة تستقبل البلاغات والشكاوى التي تم تحديدها بشروط معينة بهدف تحقيق المصداقية من سير الشكوى! لذلك على الهيئة أن تتأكَّد بأن العين الصادقة لها هي عين المواطن الذي يحمل “العين الدامعة من النقص الذي تعانيه في حياتها، وأقلق نومها وراحتها”!
ولكن عندما يحتل موضوع الفساد أكبر نسبة موضوع مقترح لطرحه مستقبلاً في كثير من اللقاءات العلمية والحوارية وقد تم طرحه أيضًا من قبل المشاركين والمشاركات في اللقاء الختامي التاسع لمركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني الذي تناول “الإعلام السعودي الواقع وسبل التطوير” من ضمن الموضوعات المقترحة للحوار مستقبلاً! فإن السؤال الذي يطرح نفسه لماذا الفساد؟! هل لأنَّ الثقافة بالحقوق والواجبات أصبحت أكثر كمًا وأفضل نوعًا على مستوى الساحة المحلية؟ أو لأنَّه لا بد من إيصال صوت المطالبة للمسئول في وقته المناسب، وأن سياسة التأجيل والتكتيم لم تُعدُّ تجدي نفعًا؟ أم لأننا أصبحنا نتجاوز ثقافة احتساب الأجر الخاطئة والرضى بما حولنا من سلبيات وأخطاء وتحمل نتائجها بحجة “احتسبوا الأجر” وبصمت سلبي لا يؤدي في النهاية إلا لانتهاكات أكبر؟ أم لأنَّ وطنيتنا تناشدنا بأنه لا بد أن نقفز أسوار السلبية والانسحاب لأنَّ الشر بلا شك سيعم على مساحات أكبر مما يسئ لسمعة وطن بأكمله؟ أم لأنَّ ثقافة الشغب الناتج من الغضب المكبوت قدمت مبررات كثيرة لمحاربة الفساد المتضخم لكن تلك الثقافة خسارتها عظيمة على المستوى البشري والمادي ولا نرضاها لوطننا ولا لمواطنينا المتضررين من أي فساد يحتاج لمحاربة مؤذية!
جميع هذه التوقعات نابعة من موطن واحد هو هدفنا جميعًا وبقيادة حكومتنا الغالية هو “محاربة الفساد” بأنواعه وبمختلف مستوياته!
ولا بد أن تتجه هيئة مكافحة الفساد لفتح القنوات بأسرع ما يمكن لتلقي البلاغات اليومية عن مختلف تلك الصور التي أساءت لراحة المواطنين ولسمعة وطن لم يقف يومًا أمام راحة مواطنيه! لأننا نلمس ونشاهد أن قائد هذه البلاد من أكبر اهتماماته هو توفير سبل العيش الكريم لأبناء هذا الوطن نساءً ورجالاً وأطفالاً، لكن من كلفوا بترجمة هذا الهدف هم المعنيون بالمحاسبة لو قصروا وأخلوا بمسؤولية الأمانة التي كلفوا بها! وهو دليل مهم على أن هناك خللاً في ترجمة الهدف السامي لسياسة البلاد، وهذا الخلل يتجه بالجهود الوطنية لأسفل مراتب الفساد ونحن في بلد الحرمين الشريفين للأسف الشديد! لذلك لا بد من مكافحته واقتلاعه من الجذور! فالتقصير قد يبدأ من المماطلة مع طالب أو مراجع أو مريض أو محتاج لحاجة تشبع جوعه، ثم ينتهي إلى مشاعر حاقدة دفينة لا نعلم متى ظهورها وكيف يكون وإلى أين تتجه! لذلك أن محاربة الفساد مسؤوليتنا جميعًا وكل من يحاربه هو الناجح في الاهتمام بوطنيته والدفاع عنها بصدق، وقبل كل ذلك هو الخائف والمتقي بوجهه عن النار يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم!
moudy_z@hotmail.com