لا أعلم منذ متى بدأت الفنادق بتسويق الأعمال الفنية من خلال عرضها في ردهاتها شاملة في بعض الأحيان سعر العمل الفني، أو الإشارة لإمكانية اقتنائه بالتواصل مع إدارة الفندق، كل ما أذكره أن أول مرة تنبهت لذلك شخصيا في الوطن العربي كان في أحد فنادق القاهرة قبل حوالي 15 عاما.
وأذكر كذلك أن قاعة عهود النجران التي كانت لفترة طويلة من القاعات النادرة لبيع الأعمال الفنية في الرياض، قد تعاونت مع فندق الفورسيزن في برج المملكة لعرض بعض من الأعمال التي تسوقها القاعة، في وقت كانت معظم الفنادق تنشر أعمال أجنبية أو منسوخات لأعمال زخرفية في الغالب، إلا أن هذا الاتجاه بدأ في التغيير، ربما مع نشاط عدد من مصممي العمارة الداخلية لدينا، الذين يوجهون مؤسسات القطاع الخاص كالبنوك والمستشفيات والفنادق بأهمية عرض العمل الفني المحلي أو الإقليمي على أقل تقدير في مباني تلك المؤسسات التي يرتادها الجمهور.
أتحدث عن هذا وأنا اليوم في برلين في فندق ضمن سلسلة فنادق، أطلق على هذا الفرع من السلسة اسم: (الفنون)، ولم أكن أعلم ارتباط المسمى بالواقع حتى دخلت بهو الفندق، والذي كان أشبه بقاعة عرض، لا لأعمال كلاسيكية أو ذات الطبيعة الصامتة أو أعمال تجريدية أو زخرفية كما هو المعتاد، وإنما أعمال تصويرية ذات اتجاهات فنية متنوعة، ومنها نسبة كبيرة من الأعمال الحديثة أو أعمال ما بعد الحداثة. كما لم تقتصر على اللوحات التي تزين الحوائط، بل شملت أيضا العديد من الأعمال النحتية ذات المقاسات المتنوعة، جعلت بهو الفندق يبدو حيا حتى بخلوه من مرتاديه. شخصيا، هذا العرض البصري المتنوع والثري، أغراني بالجلوس في البهو والشعور بالراحة، على غير العادة حين تشعر أنك في موقع انتظار إما لإتمام حجز غرفتك أو لإنهاء الإجراءات.
أخيراً، ما أجمل الفنون، وما أشد تأثيرها علينا، شعرنا بذلك أم لم نشعر، أحببناها أم كرهناها، خصوصا تلك الأعمال التي قد تحمل أكثر من رسالة، فقد تكون أشبه بصاحبها، في إمكانية نقلها لصورة واضحة وصريحة، أو شعور آخر باطني غير منطوق!
msenan@yahoo.com